بين الزواج و الطلاق في المعتقدات المسيحية .. ج1 "الزواج"

9/04/2015 09:38:00 م 0 Comments

سانقل وجهة نظرى فى موضوع يشغل بال الكثير مِن منْ هم فى سن الشباب، وهي ليست وجهة نظر دينية، بل هي شخصية، يدخل الدين كمكون اساسي لها، ولكنى سأحاول جاهدا توضيح موقف الدين المسيحى فى موضوع الارتباط والانفصال على قدر فهمى له..

ولا: لماذا الارتباط؟

يحتاج الرجل لمن يـُـعيِنه على هذة الحياة وليست المعونه بمعنى المساعده المادية اكثر من المعنوية وتحتاج المرأه مثل هذا الدعم المعنوى ليستكملوا معا مايحتاجوه فى هذة الحياة ولخص الكتاب هذه العلاقة بين ادم وحواء في سفر التكوين (موسي نبي الله) قائلا: 

فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ. فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». لذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.

ويقول المسيح بعد اكثر من 1500 عام فى العهد الجديد :

في شهادة معلمنا متى "وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ:«هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ»."

ومن شهادة معلمنا مرقس "فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» فَقَالُوا:«مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ، وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ. مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. الَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ»."

ولاحظ هنا كلمة يلتصق لان معناها الكتابي قد تغير كثيرا عن المطلوب فهمه. فهذة الكلمة تعنى احب وليس تزوج فمثلا يقول الكتاب : أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لأَنَّهُ يَقُولُ:«يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.

ومن النص السابق نفهم ان -سواء فى عهد موسي النبي من 3500 عام أو المسيح من 2000 عام- 
المعني المقصود بالالتصاق ليس الزواج بل الحب.


فان اصل الفعل اليوناني المستخدم فى مرقس 10:7 و تكوين 2:24 هو  προσκολλάω 
http://biblehub.com/greek/4347.htm


واصل الفعل اليوناني المستخدم فى متى 19:5 و كورنثوس 6:16 هو κολλάω
http://biblehub.com/greek/2853.htm


ويتضح ان للأثنين نفس المعنى لكن يسبق الفعل فى أسفار مرقس وتكوين مقطع προσ فى προσκολλάω ويأتي بمعني هنا to  او towards  اى انه فعل κολλάω كالمستخدم فى أسفار متى و كورنثوس.


أو بمعنى العلاقات الانسانية المتبادلة أى الحب، هو تأكيدا للمعني المطلوب اثباته.
properly, "to glue in" (from extending towards), i.e. to cleave (join with) someone in a personal ("interfacing") relationship. 4347 /proskolláō (literally, "glue to another") suggests "a more permanent association, focusing upon reciprocal relations" (L & N, 1, 448, fn 5; so also in Plato).

الخلاصة ان منذ البدء كان هاكذا: الرجل يحب امرأه فيتزوج بها.


ثانيا: سر الزيجة!


المحبة، هى الطاقه الوحيده القادرة على ربط اثنان برباط لا يُقطع وهى الطاقة الوحيده القادره على دفع المرء على التحمل والاستمرار فى الاستمتاع بحياته الاسرية كزوج او زوجة. أذاً، لا توجد اسرار غير ان الله المحبة بذاته هو من يرعى هذة العلاقة.

ولكن الارتباط كى يدوم يحتاج الى معايير مادية كالمستوى الاجتماعى والمادى والثقافى والشخصى والجسدى أيضا. وأن توافر الحب يمكن بقوته معالجة كل هذة الفروقات -ان وجدت- .. وفى حالة عدم وجود هذا الحب يصبح حسن الاختيار علي اساس هذة المعايير هو المخرج الوحيد لارتباط ناجح. ويصبح العقل سيد الموقف حتى يُــنشئ علاقة حب جديدة قادرة على الاستمرار بذاتها وبدون هذة العوامل سابقة الذكر من اجتماعية ومادية وثقافية الخ. ففى النهاية، الحب علاقة غير مشروطة ولا يحكمها العقل ابدا.

وعلى هذا الفهم تصبح اى علاقه جنسية بدون حب "زني" حتى لو كانت فى اطار الزواج التقليدى، تماما كما هو الحال للجنس ودون زواج فهو زنى حتى لو كان فى اطار الحب التقليدى! فالجنس لا يجب ان يُمارس فى اطار خارج عن الزواج المُؤسس على الحب .. وبدون الحب، هو فعل حيوانى هادم للنفس وبدون زواج هو فعل شاذ هادم للمجتمع.

وكتابيا: كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ. لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. أَمَّا أَنْتُمُ الأَفْرَادُ، فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا.

ثالثا: الرهبنة بين الفقر الاختيارى والزهد فى الزواج


يعتقد االعوام من الناس أن القديس انطونيوس الكبير قد اسس الرهبنه الاولى على النص الكتابى القائل: فَقَالَ لَهُمْ:«لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ  لَهُم، لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ  فَلْيَقْبَلْ».

وهو ابعد ما يكون عن الحقيقة، او ما حدث مع القديس انطونيوس الكبير مؤسس الرهبنة فى الشرق والغرب؛ وما حدث انه هذا الرجل كان من اغنى اغنياء الاسكندرية فى ايام كانت مصر تحكم العالم. إذ دخل ذات يوم الكنيسة فسمع الإنجيل يقول على لسان المسيح للشاب الغنى "حافظ الوصايا" الذى اتاه سئلا عن ملكوت السموات: قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».

فعاد إلى أخته الشابة ديوس يعلن لها رغبته في بيع نصيبه من ميراثة وتوزيعه على الفقراء ليتفرغ للعبادة بزهد، فأصرت ألا يتركها حتى يسلمها لبيت العذارى بالإسكندرية.

وسكن الشاب أنطونيوس بجوار نهر النيل لفترة كبيرة. وفي أحد الأيام نزلت سيدة إلى النهر لتغسل رجليها هي وجواريها، وإذ حَول القديس نظره عنهن منتظرًا خروجهن بدأن في الاستحمام. ولما عاتبها على هذا التصرف، أجابته: "لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان". وإذ سمع القديس هذه الكلمات قال في نفسه: "إنه صوت ملاك الرب يوبخني"، وفي الحال ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية، وكان ذلك حوالي عام 285م. استقر القديس في هذه البرية، وسكن في مغارة على جبل القلزم شمال غربي البحر الأحمر، يمارس حياة الوحدة. ومنذ هذا الوقت بدء حاربه مع غرائزة وافكاره الانسانية الحوانية بالطبيعة.

بمعنى أخر ان جوهر الرهبنه التى اسسها ابائنا هو الفقر الاختيارى لصالح الفقراء؛ ويتضمن هذا الانعزال عن مباهج الدنيا التى تحتاج للمال كالطعام والملبس والمسكن الفاخر وهى ضروريات الزواج وبدونها يصبح المرء غير قادر على الارتباط. وفى مثل هذه الحالة يصبح القلب مشغولا بما هو اهم من الدنيا فلا قلب يرتبط ولا عقل يفكر بغير الكون فى حضرة الله.

0 comments: