لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ . لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ

8/25/2021 05:30:00 م 0 Comments


 نعتقد نحن المسيحين فيما نعتقد أن الكون كله يدور فى فلك معركة واحدة بين مملكة إبليس ومملكة الله. حرب دائرة مشتعلة مستعرة بين قوتان عملاقتان كل منها تريد ان تثبت صحة وجهة نظرها فى بناء نظام وحياة 
أفضل وكل منهما يسعى لإمتلاك القوة للتدليل على صحة وجهة نظره.  

وصلاة الابانا هنا هي في الاصل صيغة توحيد كاملة بان الله منا هو الاب الوحيد لنا ونعتمد علية ونثق فية تمام الثقة لتكون مشيئة الله على الارض كما هي في السماء. حيث دعانا المسيح وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى  الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَات. ونحن نثق في الله اولا  واخيراً. ليس كخيال احد الضالين انما بعلم اليقين.

فالاول يعتقد ان بالحكمة والمعرفة تدار الامور وأنه لا ينبغى أن يعطى التابع القدرة أو الحرية على الاختيار بل ارغام الجميع على السير فى طريق مرسوم للنصر. بينما ترى وجهة النظر الأخرى أن التابع حر الاختيار من حقه أن يخطأ ليتعلم فيختبر فيبنى بحب وإقتناع ليصل لحياة أفضل. وبين المنطقين -التخيير و التسيير- ممالك وحروب لا حصر لها يُستخدم فيها شتى أنواع الحيل والأسلحة من المنطق حتى الموت. كل مؤمن تماما بصحة وجهة نظره ويحارب لأجلها حربه المقدسة حتى النهاية.

 كل هذا طبعا ضمن الغيبيات التي يؤمن بها المسيحي ولنا فى الكتاب المقدس ما يدعم هذا المعتقد. فيحكى كتابنا المقدس الجانب الأرضي لهذه المعركة والتي يعتقد أن لها جانب أخر سمائي غير مرئي تم الإشارة له فى بعض المواضع فى التوراة والإنجيل. فيبدا العهد القديم أو التوراة بقصة الخلق ثم قصة غواية الحية لأبونا أدم دون تسمية صريحة لإبليس و من ثم سقوط البشرية أو "بنى ادم" فى يد إبليس للتدليل على أن حرية إختيار أدم ادت به للمعصية و الأختيار الخطء، وهو ما لا يقبله الفريق المنافس لإبليس، أي فريق الله

ثم يسرد الكتاب قصة شراء الله من إبليس لشعبه المختار.. بالشريعة!
والشريعة فى مجملها هي أوامر ونواهي مطلوب تنفيذها، بكامل الإرادة الحرة للإنسان، وشعب الله المختار.. هو هذا الشعب من نسل أبونا إبراهيم ثم إسحاق ثم يعقوب ثم الأسباط أو اسرائيل كما نعرفه اليوم. وكان المطلوب من شعب الله أو اسرائيل إثبات قدرة بنى أدم على تنفيذ الوصية -الصالحة له- بحريته الكاملة, لكنه فشل.

ثم يستكمل الكتاب المقدس قصة أعداد الله خطة كامله لخلاص البشرية كلها من يد مملكة إبليس بتمهيد الطريق لمسيحة -المخلص المنتظر- بنبوات وعجائب يصنعها الله فى شعبه -اسرائيل- مع وفى الممالك المجاورة لها والتى تمثل ممالك الشيطان. فيَعد الله شعب يثق فيه ويعرفه بالإختبار والإختيار. شعب ناضجا كفاية لإستقبال واتمام عمل مسيح الله المنتظر.

بعدها ننتقل فى الكتاب المقدس الى الإنجيل وهو ببساطة شهادة أربع رجال يهود رأوا وعاينوا ورافقوا هذا الرجل -المخلص المنتظر- فى حياته على الأرض. هذا الرجل الذى كان أسمه يَشوَّع أو يسوع كما نعرفه بالعربية له تعاليم جميلة ورائعة لكنها غريبه عن زمانه، بل وعن زماننا نحن! والأغرب من تعاليمه هي أحداث حياته و مماته وقيامته كما يعتقد المسيحيين بكل طوائفهم.

ففى يسوع المسيح كَمُل خطة الخلاص الإلهى للبشرية بمعادلة الخطايا و الذنوب التي يشتكى بها إبليس على منطق الله الذى يقول بوجوب منح حرية الإرادة والإختيار للجميع؛ أي معادلة "فساد إختيارنا الحُر كبشر" بصلاح "إختيار الله الحُر لنا"!! فأصبح الله نفسه هو الدليل على صحة منطق الإختيار بالإرادة الحرة. فأثبت الله لإبليس قدرته هو ذاته على إختيار وتنفيذ الصالح كنتيجة مباشرة لأرادتة هو الحرة. وفى إطار هذه الحرية الكاملة لنا وله يتجلى مشهد ملحمي لصلب يسوع مسيح الله والمؤيد بروح الله القدوس ليفدى بدمه الذين اختاروه من بنى البشر فيحميهم من شكاية إبليس عليهم وعليه.

وللتوضيح أكثر؛ إنهى الصلب مناظرة حول إمكانية الإختيار الصالح بالإرادة الحرة وهى مناظرة بين الله وإبليس لإثبات صلاح الله فى خلَقه. وبدأت مناظرة أخرى حول إمكانية المخلوق فى التنفيذ وهى مناظرة لإثبات فساد إبليس فى أستخدام أرادته الحرة للتمرد على الله. ففى اعتقادى، أن أدم نفسه جزء من أدانة الله لأبليس الملاك الساقط من رتبته. فبخلق كائن أخر له نفس الإرادة الحرة، مثله مثل رتبة الملائكة التى ينتمى لها إبليس بالنوع، ولكن تحت نير أحتياج الجسد، بعكس إبليس الكامل فى خلقته، وبإختيار هذا الكائن لطاعة الله, يثبت الله لإبليس وملائكته أن تمردهم كان سقوط فى كبرياء وليس ثورة حق.

فبعد الصلب باتت سلطة الله على البشر نافذه بإختيار الله لنا، وليس إختيارنا نحن له. بحيث أصبح الخلاص ممكنا للبشرية كلها بشرط الأيمان بدم المسيح أو بمعنى أخر الأيمان بصلاح "الإرادة الحرة" للة، فنصل لحالة الأختيار المتبادل بين الخالق والمخلوق بهذه الأرادة حره حتى نصل لحالة الوحده أو البنوه كما نسميها.

 وتبدأ من هنا معركة أخرى ليست على سلطة أي من المملكتين على الأرواح والأنفس لأنها أصبحت بعد الصلب لله كما أوضحنا. لكن المعركة هذه المره حول إثبات صحة منظومة القيم ومنطق كلا الفريقين فى البناء والوصول لحياة أفضل للتابعين لهما من البشر. أي هل فى مقدرة المخلوق -كما هو الحال مع الخالق- أستخدام أرادته الحُره فى أختيار الصالح له ليصل بمجتمعه لحالة العدل والرخاء !؟ أم يجب أجباره على الطريق الصحيح!؟

 نعم أعتقد أن الكتاب المقدس هو تاريخ تعاملات الله مع البشر بمنطق البنوه (الحرية والمحبة والغفران) لا بمنطق العبودية والأجبار. وهو أيضا سجل لترتيب الأحداث فى صراع مرير بين منظومتي قيم تريد كل منها إثبات نجاحها بالدليل والبرهان "البشرى". صراع ساحته عقول وقلوب بنى ادم يستمر حتى اليوم الآخر كما فى نبوات سفر الرؤيا، وهو أخر فصل من الكتاب المقدس أو من الصراع.

وتتجلى هذه المناظرات فى المناظرة المباشرة بين الله وإبليس حول أيوب فيذكر الكتاب : وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ». فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ. وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.

وليس فقط مناظرات بل ومعارك مباشرة بين ملائكة إبليس وملائكة الله كما هو فى سفر دانيال : فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ كُشِفَ أَمْرٌ لِدَانِيآلَ  الَّذِي سُمِّيَ بِاسْمِ بَلْطَشَاصَّرَ. وَالأَمْرُ حَقٌّ وَالْجِهَادُ عَظِيمٌ،  وَفَهِمَ الأَمْرَ وَلَهُ مَعْرِفَةُ الرُّؤْيَا. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَا دَانِيآلَ كُنْتُ نَائِحًا ثَلاَثَةَ أَسَابِيعِ  أَيَّامٍ لَمْ آكُلْ طَعَامًا شَهِيًّا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ،  وَلَمْ أَدَّهِنْ حَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ. وَفِي الْيَوْمِ الرَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، إِذْ كُنْتُ  عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ الْعَظِيمِ هُوَ دِجْلَةُ، رَفَعْتُ وَنَظَرْتُ فَإِذَا بِرَجُل لاَبِسٍ كَتَّانًا، وَحَقْوَاهُ  مُتَنَطِّقَانِ بِذَهَبِ أُوفَازَ، وَجِسْمُهُ كَالزَّبَرْجَدِ، وَوَجْهُهُ كَمَنْظَرِ الْبَرْقِ، وَعَيْنَاهُ  كَمِصْبَاحَيْ نَارٍ، وَذِرَاعَاهُ وَرِجْلاَهُ كَعَيْنِ النُّحَاسِ الْمَصْقُولِ،  وَصَوْتُ كَلاَمِهِ كَصَوْتِ جُمْهُورٍ. فَرَأَيْتُ أَنَا دَانِيآلُ الرُّؤْيَا وَحْدِي، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا  مَعِي لَمْ يَرَوْا الرُّؤْيَا، لكِنْ وَقَعَ عَلَيْهِمِ ارْتِعَادٌ عَظِيمٌ،  فَهَرَبُوا لِيَخْتَبِئُوا.  فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَرَأَيْتُ هذِهِ الرُّؤْيَا الْعَظِيمَةَ. وَلَمْ  تَبْقَ فِيَّ قُوَّةٌ، وَنَضَارَتِي تَحَوَّلَتْ فِيَّ إِلَى فَسَادٍ، وَلَمْ  أَضْبِطْ قُوَّةً. وَسَمِعْتُ صَوْتَ كَلاَمِهِ. وَلَمَّا سَمِعْتُ صَوْتَ كَلاَمِهِ كُنْتُ  مُسَبَّخًا عَلَى وَجْهِي، وَوَجْهِي إِلَى الأَرْضِ. وَإِذَا بِيَدٍ لَمَسَتْنِي وَأَقَامَتْنِي مُرْتَجِفًا عَلَى رُكْبَتَيَّ وَعَلَى  كَفَّيْ يَدَيَّ. وَقَالَ لِي: «يَا دَانِيآلُ، أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ افْهَمِ الْكَلاَمَ  الَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ، وَقُمْ عَلَى مَقَامِكَ لأَنِّي الآنَ أُرْسِلْتُ  إِلَيْكَ». وَلَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي بِهذَا الْكَلاَمِ قُمْتُ مُرْتَعِدًا. فَقَالَ لِي: «لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ  الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ  إِلهِكَ، سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا،  وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي،  وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ. وَجِئْتُ لأُفْهِمَكَ مَا يُصِيبُ شَعْبَكَ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ، لأَنَّ  الرُّؤْيَا إِلَى أَيَّامٍ بَعْدُ». فَلَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ جَعَلْتُ وَجْهِي إِلَى  الأَرْضِ وَصَمَتُّ. وَهُوَذَا كَشِبْهِ بَنِي آدَمَ لَمَسَ شَفَتَيَّ، فَفَتَحْتُ فَمِي وَتَكَلَّمْتُ  وَقُلْتُ لِلْوَاقِفِ أَمَامِي: «يَا سَيِّدِي، بِالرُّؤْيَا انْقَلَبَتْ عَلَيَّ  أَوْجَاعِي فَمَا ضَبَطْتُ قُوَّةً. فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ عَبْدُ سَيِّدِي هذَا أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ سَيِّدِي هذَا  وَأَنَا فَحَالاً، لَمْ تَثْبُتْ فِيَّ قُوَّةٌ وَلَمْ تَبْقَ فِيَّ نَسَمَةٌ؟». فَعَادَ وَلَمَسَنِي كَمَنْظَرِ إِنْسَانٍ وَقَوَّانِي، وَقَالَ: «لاَ تَخَفْ أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ. سَلاَمٌ لَكَ. تَشَدَّدْ. تَقَوَّ». وَلَمَّا كَلَّمَنِي تَقَوَّيْتُ وَقُلْتُ: «لِيَتَكَلَّمْ سَيِّدِي  لأَنَّكَ قَوَّيْتَنِي». فَقَالَ: «هَلْ عَرَفْتَ لِمَاذَا جِئْتُ إِلَيْكَ؟ فَالآنَ أَرْجعُ وَأُحَارِبُ  رَئِيسَ فَارِسَ. فَإِذَا خَرَجْتُ هُوَذَا رَئِيسُ الْيُونَانِ يَأْتِي. وَلكِنِّي أُخْبِرُكَ بِالْمَرْسُومِ فِي كِتَابِ الْحَقِّ. وَلاَ أَحَدٌ  يَتَمَسَّكُ مَعِي عَلَى هؤُلاَءِ إِلاَّ مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ.

ونادراً عندما نرى الكتاب يذكر الشيطان ومملكته بأسلوب مباشر كما فى قصة أيوب فعادةً يستعيض عنهما بذكر الملوك والممالك التى تعادى أسرائيل مثل مصر وأشور و مملكة فارس .. الخ، وهذا كما نرى فى النص السابق عن معركة ابليس مع ميخائيل رئيس الملائكة فى سفر النبى دانيال و النص الأتى من سفر النبى حزقيال فيقول فى وصف إبليس: وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: «يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا قَالَ  السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ  الْجَمَالِ. كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ  أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ  وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ  صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ، وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللهِ  الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ  حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ. بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا فَأَخْطَأْتَ. فَأَطْرَحُكَ مِنْ  جَبَلِ اللهِ وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ  النَّارِ. قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا  إِلَيْكَ.  قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ، فَأُخْرِجُ  نَارًا مِنْ وَسْطِكَ فَتَأْكُلُكَ، وَأُصَيِّرُكَ رَمَادًا عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ  عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. فَيَتَحَيَّرُ مِنْكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ،  وَتَكُونُ أَهْوَالاً وَلاَ تُوجَدُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ».

وفى وصف مملكة ابليس أكمل فى نفس السفر فقال: وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ صَيْدُونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا،  وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ  وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسْطِكِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي  فِيهَا أَحْكَامًا وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا.  وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَمًا إِلَى أَزِقَّتِهَا، وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى  فِي وَسْطِهَا بِالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ  أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. «فَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ سُلاَّءٌ مُمَرِّرٌ وَلاَ شَوْكَةٌ  مُوجِعَةٌ مِنْ كُلِّ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ،  فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ. هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُ: عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ  الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ، وَأَتَقَدَّسُ فِيهِمْ أَمَامَ  عُيُونِ الأُمَمِ، يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي  يَعْقُوبَ، وَيَسْكُنُونَ فِيهَا آمِنِينَ وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا،  وَيَسْكُنُونَ فِي أَمْنٍ عِنْدَمَا أُجْرِي أَحْكَامًا عَلَى جَمِيعِ  مُبْغِضِيهِمْ مِنْ حَوْلِهِمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ».

وفى سفر أشعياء تكلم الله عن أبليس فقال: وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ الرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ انْزِعَاجِكَ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي اسْتُعْبِدْتَ بِهَا، أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ: «كَيْفَ بَادَ الظَّالِمُ، بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟ قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا الأَشْرَارِ، قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ. الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ، ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ، بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إمْسَاكٍ. اِسْتَرَاحَتِ، اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّمًا. حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ، وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلاً: مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْنَا قَاطِعٌ. اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ. كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. 14 أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ. اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ، يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ، الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ، وَهَدَمَ مُدُنَهُ، الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟ كُلُّ مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ. وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ، كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ، الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ الْجُبِّ، كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ. لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ، قَتَلْتَ شَعْبَكَ. لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي الشَّرِّ. هَيِّئُوا لِبَنِيهِ قَتْلاً بِإِثْمِ آبَائِهِمْ، فَلاَ يَقُومُوا وَلاَ يَرِثُوا الأَرْضَ وَلاَ يَمْلأُوا وَجْهَ الْعَالَمِ مُدُنًا». «فَأَقُومُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَأَقْطَعُ مِنْ بَابِلَ اسْمًا وَبَقِيَّةً وَنَسْلاً وَذُرِّيَّةً، يَقُولُ الرَّبُّ. وَأَجْعَلُهَا مِيرَاثًا لِلْقُنْفُذِ، وَآجَامَ مِيَاهٍ، وَأُكَنِّسُهَا بِمِكْنَسَةِ الْهَلاَكِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ».

0 comments: