عن التغريبه الموريسكية!!!
الموريسكيون او الموورش كما يعرفون في اسبانيا هم المسلمين الذي ظلو في الاندلس بعد تحريرها على يد ملوك أراغون وقشتالة فرديناند وإيزابيلا. ويكتب التاريخ انهم قد عانوا الاضطهاد المنظم على يد الكنيسة مدعومة بالسلطة الحاكمة.
كانت إمارة غرناطة آخر منطقة يحكمها المسلمون في شبه الجزيرة الإيبيرية. في يناير 1492، بعد حملة دامت عقدًا كاملًا، استسلم محمد الثاني عشر وسلم الإمارة للقوات الكاثوليكية التي قادها الحاكمان فرناندو وإيزابيلا. وبعد الاتفاق على معاهدة غرناطة، التي وُقعت في نوفمبر من عام 1491، والتي ضمنت مجموعة من الحقوق لمسلمي غرناطة (مثل التسامح الديني والمعاملة الحسنة) مقابل الاستسلام.
وفي البداية، اتبع الحكام الكاثوليكيين المعاهدة حتى يقال انه عندما زاروا غرناطة (فيرناندو وإيزابيلا) في صيف 1499، رحب بهم حشد متحمس من رعاياهم تضمن الكثير من المسلمين. ولكن مع الوقت وصل رئيس أساقفة طليطلة فرانشيسكو الى غرناطة ليقف امام اسقفها المتسامح دينيا تالافيرا لتبدء المشاكل.
فبدأ فرانشيسكو بدعم من السلطة بإرسال من لم يتعاون من المسلمين (خصيصًا النبلاء) إلى السجن ليتعرضوا لمعاملة قاسية إلى أن يوافقوا على التعميد (التحول الديني). ادت هذة المعاملة القاسية الى اندلاع اول الثورات الاسلامية في اسبانيا في منطقة البيازين ومع انها كانت اضطرابات بسيطة، الا ان ملوك اسبانيا اتخذوا منها ذريعة لنقض معاهدة غرناطة.
وبرغم أن الثورة في البيازين انتهت سريعا (في عشر ايام) وتحولت غرناطة اسميًا إلى مدينة مسيحية، انتشرت الثورة إلى الجانب الريفي. هرب قادة ثورة البيازين إلى جبال البشرات. سكان تلك الجبال، المسلمين بذلك الوقت، تقبلوا الحكم المسيحي بدون حماس. قاموا بسرعة للثوران لما اعتبروه إنتهاكًا لمعاهدة غرناطة.
ومن 1499 - 1501 قامت وانتهت ثورة البشرات الاولى؛ ومن 1568-1571 انتهت الثورة الثانية! ففي 1567 أصدر الملك فيليب الثاني مرسومًا قضى بإنهاء كل أشكال التسامح مع الثقافة المورسكية، فحظر استخدام اللغتين العربية والأمازيغية (البربرية)، ومنع ارتداء الملابس المورسكية، وأجبر المورسكيين على التسمي بأسماء مسيحية، وأمر بتدمير كل الكتب والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال المورسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك. ويرى البعض أن فيليب الثاني أصدر هذا المرسوم بنية دفع المورسكيين للثورة ليتخذ ذلك ذريعة لإبادتهم أو طردهم، أو أنه كان يريد ضمان ولاء المورسكيين بدمجهم دمجًا كاملًا في المجتمع الإسباني.
تسببت سياسة فيليب الجديدة المتشددة في اندلاع ثورة مسلحة في المناطق التي كانت في الماضي جزءًا من مملكة غرناطة. خطط للثورة فرج بن فرج ـ الذي ترجع أصوله إلى بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين ـ ومحمد بن عبو (واسمه الإسباني دييغو لوبيث)، وجمعا القوات وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا.
ولتتخيل معي ان الموريسك كانوا اكثر حضارة بكثير من غزاتهم الاسبان.. فأوروبا التي كانت وقتها تعاني من اثر وباء الطاعون المتفشي نتيجة قلة اهتمامهم بدفن الموتى بالطريقة الصحيحة، تنظر بعين الحسد الى الاندلس، التي كانت تسقي حدائقها بمياة جارية لعامة الناس، بل وينعم نبلائها بترف العيش بين السواقي والغناء الاندلسي.
في هذا الوقت، كانت اوروبا تحاكم مثقفيها بتهمة الرشدية (قرائة كتب ابن رشد او #Averroes كما يسميه الأوروبيون) طيلة ثلاث قرون كاملة، كانت افكار المفكر الاندلسي ابن رشد تمثل الخطر التنويري الاول على الكنيسة لما فيها من تقديم للعقل عن النص وتوفيق بين الفلسفة والدين.
أحدث ابن رشد ما يمكن وصفه بالزلزال الفكري في أوروبا، وكانت أطروحته أن هناك حقيقة واحدة فقط يمكن الوصول إليها عن طريقين مختلفين: عن طريق الإيمان، وعن طريق الفلسفة (العلم والتفكير النقدي). وعندما يتعارض الطريقان فهذا يعني أن علينا قراءة النص المقدس بطريقة تأويلية، وبكلمات أخرى، البحث عن فلسفة الحقيقة (أو العلم) أكثر أهمية من الإيمان. وبصرف النظر عن ذلك، فإنه ضد القول بخلود الروح، وضد القول بحدوث العالم.
وعلى الرغم من تشدد الجانب الاسلامي نفسة ضد كتابات ابن رشد الا انها لاقت طريقها للخلود عن طريق أتباعه من سائر الديانات وابرزهم ابن ميمون الفيلسوف ورجل الدين اليهودي (الطبيب الشخصي لصلاح الدين الايوبي).. واللاهوتي توما الاكويني، برغم من اختلافه مع فكرة الحقيقة المزدوجة التي شرحتها.
وشكل اتباع ابن رشد في أوروبا تياراً فلسفياً قوياً في القرون الوسطى، بداية من القرن الثالث عشر وحتى السادس عشر، شغل الفكر واللاهوت الغربي وقد أطلق على هذا التيار إسم الرشدية، وقد أطلق الاكويني نفسه هذا الاسم عليهم في كتابه «وحدة العقل ضد الرشديين»، تركزت قوة الرشديين في كلية الفنون في جامعة باريس التي ازدهرت في القرن الثالث عشر واتجهت نحو الفلسفة والمنطق. يقف في طليعة الرشديين اللاتين سيجير دي برابان (ت 1284م) الذي درس في جامعة باريس وكانت له حوارات كثيرة مع اللاهوتيين وخاصة الاكويني. (خاصة قضية وحدة العقل والحقيقة المزدوجة). ومن رموز الرشدية في القرن الرابع عشر جان دي جندان، ومار سيليو دي بادوا; وليم الأوكامي، وقد استمر وجود الرشدية كاتجاه فكري فلسفي يتسم بمعارضة الكنيسة حتى عصر النهضة مع بومبانازي وكريمونيلي، اندرياشيزالبينو..
وللحديث بقية
0 comments: