بحث عن العرب - الجزء الثالث

4/23/2021 07:39:00 م 0 Comments



 ومن الجزئين السابقين نسأل:
1) ما هو الدليل على ان وسط شبة الجزيرة العربية تأثر بالترنسفير الآشوري والبابلي؟
2) ما هو الدليل علي ان اللغة العربية الحالية اصلها خليط مطور من السان الآرامي والسبئي؟
3) وكيف ومتى تم هذا الخلط؟
اولا نذكر بعض الحقائق:
1) بابل هذه -دينيا- هي بذرة نمرود القديمة التي بنى فيها زقورته.
2) اقرب لسان للآرمية القديمة اليوم هو السرياني الشرقي كما أسلفنا.
3) واقرب لسان للسبائي القديم اليوم هي لغات الحبشة السامية ذات الجزر الثلاثي.
4) واقرب لسان للكنعانية القديم اليوم هي الامزيغية واللهجة العبرية وهي لغات من اصول سامية ايضاً.
5) اول لغات الدنيا يجب ان تكون في الحضرات التي سبقت حتى السومارية والمصرية. فاللغة تطورت الاف السنين قبل الكتابة والحضرات. لكن بالتأكيد انه سبق الآرامي لغات مثل السومارية (وهي لغة منعزلة ليست مشتركة مع اللغات السامية) والأكادي ومصري وهم أول الخيط الذي يمكن ان نكتشفة في منطقتنا لأنهم اول من كتبوا. لكن يوجد مراحل غير مكتوبة بالتأكيد ولا نعلم عنها شئ. كما اني غير عالم بتاريخ المناطق الآخرى كالشرق الاقصى أو الهند وغيرها مناطق.

ونأتي لسؤالنا الاول وهو ما دليلك ان وسط شبة الجزيرة العربية تأثر بالترنسفير الآشوري البابلي؟ والاجابة هي نبو نيد! ونبونيد كان آخر ملوك بابل واستلم العرش في عام 556ق.م وتنحى عن العرش سنة 539ق.م، كان أكثر عهده معتكفا بمدينة تيماء وسط الجزيرة العربية وترك ابنه بلشاصر ملكا لبابل وكان له اهتمام بالدين في دولته. ولذلك سبب له كهنة مردوخ بعض المشاكل. بدا غزو الفرس بالتحالف مع الليديين بقيادة قورش وكانت نهاية الدولة البابلية بإزاحته عن الحكم. 

ونبو نيد هذا احتار فيه المؤرخين فهو رجل عصامي بالمفهوم العصري، ليس له نسب ملكي لكنة وصل الى سدة الحكم في بابل بعد الكثير من القلاقل والاغتيالات وبعد الكثير من الصراع السياسي. وبعد ان وصل الى حكم بابل تركها ليعيش في تيماء في وسط الجزيرة العربية والحيرة هنا في هل سكن تيماء عشر سنين ليتحكم في طرق التجارة ام زهداً لأنه كان كاهن اله القمر سين وابن كاهنة. وذكر لنا التاريخ انه كان شخص مولع بالكشف عن الآثار بحيث إنه يكون في غاية الارتياح والسرور عند اكتشافه لأي حجر أساس في المباني القديمة عند قيامه بأعمال التنقيب فيها ولهذا فقد عد هذا الملك أول آثاري عرفه التاريخ ونتيجة لاهتمامه بالماضي فقد تم في عهده إستنساخ العديد من الوثائق القديمة وإعداد قوائم الملوك وقطع الآثار القديمة وتجميعها باهتمام وبهذا فإن نبونئيد يتفرد عن ملوك العراق القديم بما إمتلكه من روح البحث والتقصي عن أخبار الماضي ودلت النصوص التي تم نشرها خلال العقود الأخيرة من السنين إن هذا العاهل كان رجل سياسة ذو قابلية فائقة لما إمتلك من خبرة كبيرة إكتسبها نتيجة عمله في البلاط الملكي البابلي قبل اعتلائه العرش .

وفي خلال اقامته بتيماء نشر عبادة اله القمر الاله سين وتيماء هذه قديما كانت بلد الملكة شمسي والملكة زبيبة اصحاب التمرد على الملك الآشوري تغلث فلاسر الثالث. وكل الاثار التي ترسم ملوك وكهنة الآشورية والبابلية يظهر القمر والكواكب بجانبهم. حتى ان احد العلماء الروس وهو زكريا ستيشن اعتقد انها علامة لكائنات فضائية تقف بجانب ملوك بابل وآشور في نظريته المثيرة للجدل حول الفضائين  حيثُ يذكر في نظرياتهِ الشهيرة بأنه قبل نحو 6000 عام نظم السومريين رحلات فضائية جابوا فيها الفضاء وقطعوا مسافاته ومروا بكواكب المجموعة الشمسية وكشفوا عن أسرار الفضاء بأكثر مما انجزه الانسان المعاصر وكشفواعن أسرار لا نعرف عنها شيء حتى الآن! 

ولأله القمر معابد انتشرت بعد نبونيد في كل الجزيرة العربية من جنوبة واله المقة المعروف في سبأ الى الشمال في البتراء. وبالطبع نشر نبونيد مع الدين لسانة وهنا نتكلم على تيماء وخيبر حتى قيل ان يهود خيبر اقدم من شتات المعبد الثاني بعد 70م، الى عصر هذا الرجل، ويهود اليمن معهم. وننهي هنا قصة نبونيد المثيرة وننتقل الى السؤال الثاني.
 
ما هو دليلك ان اللغة العربية الحالية اصلها خليط من الآرامي والسبئية؟ والاجابة سيل العرم لسد مأرب اليمني العظيم. وقصة هذا السد هي اقوى الشواهد على نظرية قوة الحضارة السبئية ويرجع تاريخة إلى القرن الثامن ق.م وبقي صامدا يؤدي عمله حتى عام 575م،  بعض الباحثين أعاده إلى القرن العاشر ق.م. تعرض السد لعدة تصدعات ولكن نهايته كانت في العام 575 بعد الميلاد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياتهم.

فيذكر التاريخ بدء تصدع هذا السد في القرن الاول الميلادي وتهديد سكان اليمن بالغرق. فبدأت حركة هجرة لقبائل اليمن من الجنوب الى الشمال. ومن المناطق التي سكنوها عمان والحيرة شرقا والحجاز ونجد حتى ارض تيماء من الساحل الغربي حتى وصلوا الى بأر غسان الشهير في الشمال. ومنهم تكونت ممالك التي تعرف اليوم بالعربية مثل المناذرة والغساسنة ومنهم قبائل الأزد التي تفرقت إلى أربعة أقسام: أزد شنوءة وأزد السراة و‌أزد غسان وأزد عمان. وقبيلة طئ وعك وهمدان وقضاعة والأوس والخزرج وغيرهم من قبائل العرب المشهورة. وسكنوا كامل الجزيرة العربية وسموا عرب كأهلها لكن ظل السبئيون جنوبا يرفضون هذا الوسم والانتماء حتى ان في نقوش قبائل مذحج وكندة تجد وصف"عربن احقرن" عن عرب الشمال بينما اطلقوا على بدو سبأ لفظ اعراب. وحتى بعد الاسلام بفترة.. فأرضهم جنان خضراء وليست صحراء.

وبعد زوال المملكة النبطية الآرمية علي يد الرومان في 106م تكون فراغ سلطة في شمال الجزيرة العربية وجنوب سوريا. وهنا يبدء تكون اول احلاف لهؤلاء المهاجرين العرب باللسان المختلط وهو حلف تنوخ في 169م. وهو حلف يتكون من قبائل عربية كانت تقطن في جنوب سوريا والأردن (مملكة الأنباط سابقا) وغربي العراق وشمال الجزيرة العربية منذ القرن الأول، أحياناً تطلق عليهم المصادر اليونانية اسم "ساراكينوس". ثم انقسم حلف تنوخ الى المناذرة في الحيرة وتحالفوا مع بلاد فارس وتحالفت الغساسنة مع الروم شمالا. وامتد نفوذ سبأ في الشرق كما كان في الغرب على الساحل قديماً من حضرموت جنوبا الى مملكة كندة في الوسط الى المنطقة الصفائية جنوب السوريا الموطن لآرام والآرمية. 

وهذه اجابة سؤالنا الثالث كيف ومتى تم هذا الخلط؟ تم في حلف تنوخ.  لتبدء الاسامي العربية -التي نعرفها اليوم- تظهر في اسماء ملوك العرب مثل امرؤ القيس ومالك بن فهم وعمرو وجزيمة. واصل كلمة تنوخ هو Tanakh اي التّنخ أو الكتاب المقدس لليهود (العهد القديم) بما أن جميع ممالك الشرق وسبأ بالأخص حكمت بأسم الله. فتحالفوا على اقامة التوراة والكتب المقدسة اليهودية وهذا دليل آخر ان في هذه النقطة من الزمن كان العرب قرأوا النص التوراتي بالآرمية وان الكل اليهود والعرب كانوا يعرفون الآرمية جيداً جداً. ويرجع لهذا الحلف اول النقوش التي تشبة اللغة العربية الحالية مكتوبة بالخط النبطي الآرامي. وهو نقش ام الجمال ونقش النمارة وهي نصوص كتبت بين 250م و 328م كشواهد قبور لملوك حلف تنوخ. واعتبرها العلماء لهجة اقرب الى عربية اليوم!! لكن هي في رأي ان اثبتت شئ فهي تثبت ان العربية التي نتكلم بها اليوم لم تتكون حتى تاريخه في 328م وانها نتاج ال300 مائة سنة اللاحقة لهذا النقوش. وتحديدا في ممالك الحيرة وكندة وغسان التي اخذوا في تطوير الخليط الآرامي والسبئي.. وهذا هو اللسان الذي نتكلم به العربية اليوم.

وعلية لن تجد كلمة او حرف عربي واحد في اي مكان حتى 150م وأول النقوش التي تصح عنها كلمة عربية كما اعرفها هي نقوش عين عبده الموجود في صحراء النقب على طريق البخور ونقوش قرية الفاو بالسعودية من أثار مملكة كندة ثم النقوش الصفوية المتأخرة بجنوب سوريا بادية الشام. والحرف العرب الحالى -باعتراف الأخبارين العرب- ان بشر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي أخو أكيدر بن عبد الملك ملك دومة الجندل في عصر ما قبل النبوة يعود له الفضل في نقل الخط العربي الشمالي (خط الجزم) إلى شبه الجزيرة العربية والحجاز ومكة، فقد علَّم بعض سادتها الخط العربي الشمالي بعدما كانوا يكتبون بالخط العربي الجنوبي المسند.

وبل ان تشابه الاحرف العربية يدل على هذا الخلط. فيدعى العرب ان التنقيط لم يكن موجودا قبل الاسلام فتكتب ثلاث اصوات برسم واحد كالخاء والحاء والجيم (هكذا ح ح ح) أو يرسم صوتين بنفس الرسم كالغين والعين (هكذا ع ع) أو السين والشين (هكذا س س). وهو حرفيا درب من دروب الخيال! فلماذا؟ وكيف! وعلى اي اساس!؟  ترسم اصوات مختلفة بنفس الرسم.. الا انها كتبت في الاساس بحروف مختلفة كحروف المسند الذي يحتوى 28 حرف وتم نقله الى الآرمي الذي يحتوي 22 خرف فقط. وفرق هذه الحروف والاصوات تم دمجها في رسوم مشتركة. كما ان فكرة التنقيط ليست اكتشاف جديد للعرب بل استخدمها السريان والفرس وغيرهم!

0 comments: