السبى الثانى وتاريخ العهد القديم في الكتاب المقدس

3/03/2016 01:51:00 م 0 Comments

العهد القديم من الكتاب المقدس

يعتبر نص العهد القديم في الكتاب المقدس من أقوى النصوص التاريخية الباقية لنا حتى الان عن تاريخ أحداث وشخصيات يهودية عاشت فى الزمن البعيد. وكُتب العهد القديم من الكتاب المقدس على مدار 1500 سنة من التاريخ، بواسطة من حدثت معهم هذة الأحداث ومن شهد عليها، بدءاً من موسى نبى الله وخروج اليهود من مصر (السبى الأول) مرورا بخليفته يشوع بن نون ثم القضاه ثم تعين أول ملك لأسرائيل وهو شاول ومن بعده داوود فسليمان (الهيكل الاول) ثم انشقاق المملكة وبدء السبى البابلى (السبى الثانى لليهود) على يد الملك نبوخذنصر 630 ق.م - 562 ق.م (تدمير الهيكل الأول) ثم الرد من السبى الثانى فى عهد ملوك الأشوريين بدءاً من الملك قورش الكبير وحتى اتمام بناء الهيكل الثانى فى عهد الملك داريوس. وكل هذا أستعدادا لقدوم المسي ( يسوع المسيح ) المنتظر وتحقيق وعود الله فيه، فيذكر العهد القديم من الكتاب المقدس كل هذة التفاصيل والأسماء والنبوات.

ولأى دارس لهذا النص وتاريخة أن يفصل بين اعمال الجمع والترجمة؛ فالجمع يعتمد على معيايير محددة للحكم على قانونية الكتاب من عدمة. أما الترجمة فهى تحويل معانى النص من لغة الى اخرى. ويعتمد فى الترجمة على قوة المترجم وهواه* وقوة اللغة المترجم أليها وقدرة الفاظها وتركيبها على توصيل المعنى الأصلى للنص وما هو قد يختلف من لغة للأخرى ومن مترجم وترجمه لاخرى. ونهتم هنا -فى هذا البحث- بجمع وتقنين اسفار العهد القديم بين اليهودية والمسيحية.

*نعم، تتأثر ترجمة النص بهوى المترجم ويظهر ذلك جليا فى نص نبوة أشعياء 14:7 الذى يقول وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ». فـ "يهودى الهوى" (كترجمة اكويلا والثيودوتيون وغيرهما مما سوف يُشرح) يترجم كلمة العذراء لفتاه صغيره "ومسيحى الهوى" يترجمها الى العذراء لتُطابق حالة العذراء مريم والدة يسوع الناصرة. والحقيقة ان المعنى الدقيق هو الفتاة الصغيرة التى لم تتزوج بعد وفى لغتنا: العزباء.

أستخدم الجوجل لترجمة النص العبرى הָעַלְמָה.
والنص مذكور كاملا هنا : http://en.wikipedia.org/wiki/Isaiah_7:14

النص العهد القديم حسب اليهودية


اولا، "التناخ" وهو نص العهد القديم من الكتاب المقدس بحسب اليهود، وتناخ بادئ ثلاث كلمات، الـ "ت" للتوراه أو الشريعة، وال"نا" عن نڤيئيم او الأنبياء، وأخيرا ال 'خ' للكتوڤيم او الكتب، واختصرت بلفظة تناخ، ويستخدم أيضا أسمالمقرأ للأشارة لكتب العهد القديم. يعتمد اليهود فى تقديس كتب العهد القديم على المخطوطات الماسورتية، ونص المخطوطات الماسورتية هو أساس النص المعتمد للبروتستنت ايضا، والمطبوع فى أنجيلنا اليوم.

من ناحية المحتوى اعتمد اليهود هذة المعايير لتقديس وتقنين كتب العهد القديم:
1- كتابة السفر باللغة العبرية، ويستثنى من هذا الشرط كل من سفر دانيال وأجزاء من سفر عزرا المكتوبان باللغة الارمية القديمة (لغة السيد المسيح). فكتب السفران فى زمن السبى الثانى حيث كانت الأرمية لغة الحديث فى هذا الزمن.
2- التواتر، ان يكون السفر متواترا ومستخدما فى المجتمع اليهودى، وهذا سبب قبول سفر استير ورفض سفر يهوديت، فالسفر لم يقدس لانه لم يقرء فى مجامع اليهود قديما.
3- علامات مسيانية، فيجب ان يحتوى الكتاب نبوة او علامة مسيانية عن مسي الله المنتظر وهذا هو سبب رفض اليهود لأسفار مثل طوبيا ويهوديت وغيرهما لخلوهم من هذه النبوات والعلامات.
4- زمن الكتابة، يجب ان يكون زمن كتابة السفر قبل زمن عزرا الكاهن ولا تقبل اى كتابات بعدة

تاريخيا، وبحسب التلمود (التلمود كلمة عبرية تعني الدراسة وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية، وبتعريف آخر هو تدوين لنقاشات حاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية، الأخلاق، الأعراف، وقصص موثقة من التراث اليهودي، وهو أيضا المصدر الأساسي لتشريع الحاخامات في الدعاوى القانونية) فبحسب هذا التلمود تم جمع وحفظ وتقديس كتب العهد القديم بين سنة 475ق.م - 425 ق.م فى الكنيس الكبير . وكان الكنيس الكبير يضم 120 من الكَتبة والحكماء والأنبياء، يرأسه عزرا الكاهن كاتب سفر عزرا و نحميا ويعتقد انه كاتب أسفار الملوك والاخبار ايضا. والكنيس الكبير مذكور فى سفر نحميا بالتفصيل كما سوف نرى لاحقا.

عزرا الكاهن؛ والمعروف مجازا باسم "الزهرة التي تظهر على الأرض" مما يدل على فصل الربيع في التاريخ الوطني اليهودي قد اكمل مهمة جمع أسفار العهد القديم بعد العودة من السبى الثانى لليهود. وبدءت هذة العودة تدريجيا فى عهد الملك قورش الكبير 576ق.م - 530ق.م (والمذكور فى أول سفر عزرا) والذى أمر بعودة اليهود ورد الكنوز المسروقة من الهيكل لأعادة بناءة. فانتهى عزرا الكاهن ورفاقة من البناء فى عهد الملك داريوس (عزرا 5) أستعدادا لقدوم المسيح (زكريا 9:9) وكما هى النبوات فى سفر حجى.

النص حسب عزرا 14:6: وَكَانَ شُيُوخُ الْيَهُودِ يَبْنُونَ وَيَنْجَحُونَ حَسَبَ نُبُوَّةِ حَجَّيِ النَّبِيِّ وَزَكَرِيَّا بْنِ عِدُّو. فَبَنَوْا وَأَكْمَلُوا حَسَبَ أَمْرِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَأَمْرِ كُورَشَ وَدَارِيُوسَ وَأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِسَ.

وكانا زكريا وحجى النبيان المعاصران لعزرا واللذان بنبوتهما عن المسي المنتظر شجعا اليهود على أستكمال بناء المعبد أستعدادا له؛ فكسر اليهود أمر ملك الفرس أَحَشْوِيرُوشَ (عزرا 4) والذى كان امر بوقف العمل فى بناء الهيكل، وأستكمالوا بناءه رغما عنه وتم البناء فى عهد الملك داريوس 550ق.م - 486ق.م.

وجدير بالذكر ان نحميا النبى وزكريا النبى من الحضور فى الكنيس الكبير كما هو مثبت فى النص عن نحميا. واليكم الكنيس الكبير كما هو فى سفرا عزرا ونحميا و سفر الملوك الثانى وأخبار الأيام الثانى:

 أول سفر نحميا 8 (عزرا الثانى) : اجْتَمَعَ كُلُّ الشَّعْبِ كَرَجُل وَاحِدٍ إِلَى السَّاحَةِ الَّتِي أَمَامَ بَابِ الْمَاءِ وَقَالُوا لِعَزْرَا الْكَاتِبِ أَنْ يَأْتِيَ بِسِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ. فَأَتَى عَزْرَا الْكَاتِبُ بِالشَّرِيعَةِ أَمَامَ الْجَمَاعَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَكُلِّ فَاهِمٍ مَا يُسْمَعُ، فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ السَّابعِ. وَقَرَأَ فِيهَا أَمَامَ السَّاحَةِ الَّتِي أَمَامَ بَابِ الْمَاءِ، مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، أَمَامَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْفَاهِمِينَ. وَكَانَتْ آذَانُ كُلِّ الشَّعْبِ نَحْوَ سِفْرِ الشَّرِيعَةِ. وَوَقَفَ عَزْرَا الْكَاتِبُ عَلَى مِنْبَرِ الْخَشَبِ الَّذِي عَمِلُوهُ لِهذَا الأَمْرِ، وَوَقَفَ بِجَانِبِهِ مَتَّثْيَا وَشَمَعُ وَعَنَايَا وَأُورِيَّا وَحِلْقِيَّا وَمَعْسِيَا عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ فَدَايَا وَمِيشَائِيلُ وَمَلْكِيَّا وَحَشُومُ وَحَشْبَدَّانَةُ وَزَكَرِيَّا وَمَشُلاَّمُ. وَفَتَحَ عَزْرَا السِّفْرَ أَمَامَ كُلِّ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ فَوْقَ كُلِّ الشَّعْبِ. وَعِنْدَمَا فَتَحَهُ وَقَفَ كُلُّ الشَّعْبِ. وَبَارَكَ عَزْرَا الرَّبَّ الإِلهَ الْعَظِيمَ. وَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «آمِينَ، آمِينَ!» رَافِعِينَ أَيْدِيَهُمْ، وَخَرُّوا وَسَجَدُوا لِلرَّبِّ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى الأَرْضِ. وَيَشُوعُ وَبَانِي وَشَرَبْيَا وَيَامِينُ وَعَقُّوبُ وَشَبْتَايُ وَهُودِيَّا وَمَعْسِيَا وَقَلِيطَا وَعَزَرْيَا وَيُوزَابَادُ وَحَنَانُ وَفَلاَيَا وَاللاَّوِيُّونَ أَفْهَمُوا الشَّعْبَ الشَّرِيعَةَ، وَالشَّعْبُ فِي أَمَاكِنِهِمْ. وَقَرَأُوا فِي السِّفْرِ، فِي شَرِيعَةِ اللهِ، بِبَيَانٍ، وَفَسَّرُوا الْمَعْنَى، وَأَفْهَمُوهُمُ الْقِرَاءَةَ. وَنَحَمْيَا أَيِ التِّرْشَاثَا، وَعَزْرَا الْكَاهِنُ الْكَاتِبُ، وَاللاَّوِيُّونَ الْمُفْهِمُونَ الشَّعْبَ قَالُوا لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «هذَا الْيَوْمُ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ، لاَ تَنُوحُوا وَلاَ تَبْكُوا». لأَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ بَكَوْا حِينَ سَمِعُوا كَلاَمَ الشَّرِيعَةِ.

فيُلاحظ الأسماء المذكورة سابقا وخصوصا حلقيا الكاهن أبو نبى الله أرميا كما يُعتقد (راجع أول سفر أرميا) فى سفر نحميا وتكرارها فى الأسفار الأتية :

فَقَالَ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ لِشَافَانَ الْكَاتِبِ: «قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ الشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ». وَسَلَّمَ حِلْقِيَّا السِّفْرَ لِشَافَانَ فَقَرَأَهُ. ملوك ثانى 22 : 8

كَانَ يُوشِيَّا ابْنَ ثَمَانِيَ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَحِدْ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً. .. وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ مِنْ مُلْكِهِ بَعْدَ أَنْ طَهَّرَ الأَرْضَ وَالْبَيْتَ، أَرْسَلَ شَافَانَ بْنَ أَصَلْيَا وَمَعَسِيَا رَئِيسَ الْمَدِينَةِ وَيُوآخَ بْنَ يُوآحَازَ الْمُسَجِّلَ لأَجْلِ تَرْمِيمِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِهِ. فَجَاءُوا إِلَى حِلْقِيَا الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ، وَأَعْطَوْهُ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ اللهِ الَّتِي جَمَعَهَا اللاَّوِيُّونَ حَارِسُو الْبَابِ مِنْ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ وَمِنْ كُلِّ بَقِيَّةِ إِسْرَائِيلَ وَمِنْ كُلِّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَدَفَعُوهَا لأَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فَدَفَعُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ لأَجْلِ إِصْلاَحِ الْبَيْتِ وَتَرْمِيمِهِ. وَأَعْطَوْهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ لِيَشْتَرُوا حِجَارَةً مَنْحُوتَةً وَأَخْشَابًا لِلْوُصَلِ وَلأَجْلِ تَسْقِيفِ الْبُيُوتِ الَّتِي أَخْرَبَهَا مُلُوكُ يَهُوذَا. وَكَانَ الرِّجَالُ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ بِأَمَانَةٍ، وَعَلَيْهِمْ وُكَلاَءُ يَحَثُ وَعُوبَدْيَا اللاَّوِيَّانِ مِنْ بَنِي مَرَارِي، وَزَكَرِيَّا وَمَشُلاَّمُ مِنْ بَنِي الْقَهَاتِيِّينَ لأَجْلِ الْمُنَاظَرَةِ، وَمِنَ اللاَّوِيِّينَ كُلُّ مَاهِرٍ بِآلاَتِ الْغِنَاءِ. وَكَانُوا عَلَى الْحُمَّالِ وَوُكَلاَءَ عَلَى كُلِّ عَامِلِ شُغْل فِي خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ.وَكَانَ مِنَ اللاَّوِيِّينَ كُتَّابٌ وَعُرَفَاءُ وَبَوَّابُونَ. وَعِنْدَ إِخْرَاجِهِمِ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَجَدَ حِلْقِيَا الْكَاهِنُ سِفْرَ شَرِيعَةِ الرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى. فَأَجَابَ حِلْقِيَا وَقَالَ لِشَافَانَ الْكَاتِبِ: «قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ الشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ». وَسَلَّمَ حِلْقِيَا السِّفْرَ إِلَى شَافَانَ، أخبار الأيام ثانى 34

وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ، فَجَمَعُوا إِلَيْهِ كُلَّ شُيُوخِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. وَصَعِدَ الْمَلِكُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ وَجَمِيعُ رِجَالِ يَهُوذَا وَكُلُّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ، وَالْكَهَنَةُ وَالأَنْبِيَاءُ وَكُلُّ الشَّعْبِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، وَقَرَأَ فِي آذَانِهِمْ كُلَّ كَلاَمِ سِفْرِ الشَّرِيعَةِ الَّذِي وُجِدَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. وَوَقَفَ الْمَلِكُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَطَعَ عَهْدًا أَمَامَ الرَّبِّ لِلذَّهَابِ وَرَاءَ الرَّبِّ، وَلِحِفْظِ وَصَايَاهُ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ بِكُلِّ الْقَلْبِ وَكُلِّ النَّفْسِ، لإِقَامَةِ كَلاَمِ هذَا الْعَهْدِ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا السِّفْرِ. وَوَقَفَ جَمِيعُ الشَّعْبِ عِنْدَ الْعَهْدِ. ملوك ثانى 23 : 2

ونستنتج مما سبق أن كتب العهد القديم قد تم جمعها وتقديسها بواسطة اليهود بعد انتهاء عصر الأنبياء وبدء عصر الربيانى أو المعلمين. وهو نص يعتمد فى تقديسة ونقله على التواتر بين أفراد المجتمع اليهودى مع بعض الدلائل العقلية على المحتوى والتاريخية على زمن الكتابة، وهو بالنسبة لى معيار واضح ومقبول جدا.

النص العهد القديم حسب المسيحية


يعتمد المسيحين (عدا البروتستنت) مصدر أخر لكتب العهد القديم غير المخطوطات الماسورتية وهو الترجمة السبعينية، وسُميت بالسبعينية لاعتمادها على سبعين من شيوخ اليهود لترجمة نص كتب العهد القديم من اللغات العبرية والأرامية الاصلية الى اللغة اليونانية فى عهد الملك بطليموس الثانى فيلادلفوس  309 ق.م - 246 ق.م. وكانت الترجمة بغرض اثراء مكتبة الأسكندرية فى مصر بكتب التراث اليهودى.

وهنا نرى قوة الترجمة السبعينيه فى انها بدء العمل لأنجارها والانتهاء منه قبل ميلاد المسيح (دون التأثر بظهور المسيحية) وبواسطة لجنة من علماء لغة يهود. ولغرض غير مقدس (أثراء المكتبة)، فروعى فيها أقصى المعايير المهنية والعلمية فى صنعتها. والاهم، بدون ضغوط او اهواء عقائدية، فقيل أن العمل فى هذة الترجمة انتهى بعد 150 عام! ولكن، وفى المقابل، يُؤخذ عليها -فى رأى-  أنها كانت بهدف ترجمة اكبر كم او عدد من الكتب اليهودية لليونانية دون مرعاة صحتها عقائديا.

بعد ظهور المسيحية ظهرت عدة ترجمات تأثرت بطبيعة الحال بهوى المترجم وانتمائه فى الصراع الفكرى الدائر بين اليهود من ناحية والمسيحيين الجدد من ناحية اخرى. فعندما أثارت الترجمةُ السبعينية جدلاً بين المسيحيين واليهود، كان لابد من محاولة تزويد اليهود المتكلمين باليونانية بترجمة دقيقة وهكذا ظهرت في أثناء القرن الثاني المسيحي أكثر من ترجمة يونانية أخرى كاملة للعهد القديم واقواهم كان:

ترجمة آكويلا والذى يوصف بإنه كان يهوديًا "دخيًلا" أعتنق المسيحية وعند لومه على ممارسة التنجيم أرتد الى اليهودية مره أخرى. وقام بهذه الترجمة في حوالى عام 130 م. ويقال إن الدافعَ وراء القيام بهذه الترجمة كان مقاومة ما للسبعينية من نفوذٍ وبخاصة في استخدام المسيحيين لها في حوارهم مع اليهود وكذلك إعادة ترجمة الفصول التي كان يستشهد بها المسيحيون من العهد القديم ويطبقونها على يسوع الناصرة لاثبات انه المسي المنتظر.

و الترجمة السداسية أو الـ Hexapla للقديس العالم أوريجانوس وقد تم أنجازها قبل 240 م. ولكن لم يتبق منها شئ حيث أُتهم صاحبها بالهرطقة وتم حرق كل أعمالة لاحقا ولم يتبق منها ألا القليل.

ترجمة ثيودوتيون : وكان ثيودوتيون هذا يهوديًا دخيلاً من أفسس، هرطوقيًا من الأبيونيين وقد ظهرتْ ترجمته أيضا نحو منتصف القرن الثاني الميلادى وكانت مبنيةً، في أغلبِ أجزائها، على الترجمة السبعينية، حيث يبدو أنه قد أجرى عليها بعض التنقيح على أساس النَّصِّ العبرى. ولم تكن ترجمته حرفيةً مثل ترجمة أكويلا وفي نفس الوقت لم تكن متحررةً مثل ترجمة سيماخوس وكانت معرفته بالعبرية محدودة ولم يكن في مقدوره القيام بالترجمة بدون وجود السبعينية.

وهكذا قبل أن ينصرمَ القرنُ الثاني الميلادى، كانت هناك ثلاثُ ترجمات يونانية أخرى للعهد القديم بالإضافة إلى الترجمة  السبعينية وكان لذلك أثرُه في انتشار كتب العهد القديم وتيسيير فهم معانيها. وفى الصورة التالية ملخص كامل لكل أعمال الترجمة المطبقة على نص كتب العهد القديم.

ملاحطة : الرسم التوضيحى من الموسوعة الكتابية وهى من أهم وأجرأ الموسوعات التي تعالج الكتاب المقدس بشطريه وتاريخ شخصياته وقصصه بالإضافة لتقديم معلومات عن تاريخ نقده ومقالات مفصلة عن الخلفية القبلية والحضارية والدينية لشعوب بلاد كنعان ومصر وبابل واليونان والعرب وتأثيرها على قصص الكتاب المقدس. وقد أضفت للرسم خط زمن عرضى باللون الأحمر كبيان يظهر تاريخ ظهور السيد المسيح والمسيحية لتسهيل الأستدلال للقارئ، كما اضفت المصادر اليهودية (عزرا) فى الطريق ألى نص الماسورتية (الام تى) وتوضيحاً للمصادر المُختفية، لأكمال الصورة بين اليهودية والمسيحية حيث أن الموسوعة الكتابية موسوعة مسيحية لا تعترف بالمصادر اليهودية، كما أظهرت أسم المعلم جيروم على ترجمته الفولغاتا لاهميتها وبالطبع أضفت علامة لاظهار السبعينية.

 أبوكريفا بين النص اليهودى والنص المسيحى!

 وبطبيعة الحال وكما شرحنا سابقا فان نص السبعينية كان محل ثقة للمسيحيين لما للسبعينية من نفوذٍ وعمق تاريخى محايد حيث انها ترجمة علماء يهود قبل مولد المسيح. وكانت الركيزة الأساسية التى يستخدامها المسيحيين في حوارهم مع اليهود ولكن تظل هذة الترجمة فى الأساس لم تُنجز بغرض إيمانى مقدس بل من أجل هدف حرَفى ومهنى بحت، فمن الطبيعى ان تجد ترجمات لكتب زائدة عن الكتب المقدسة لليهود بهدف أثراء مكتبة الأسكندرية بها، وتسمى هذة الزيادات الأبوكريفا! وبالطبع أول ظهور واضح لهذا الفرق بين النص المسيحي والنص اليهودي كان فى ترجمة العهد القديم بالفولغاتا للمعلم جيروم.

الفولغاتا اللاتينية، أنتجها جيروم الذي كلفه البابا دماسوس الأول في 382 م بمراجعة الترجمات القديمة. تعد اهمية الفولغاتا أنها اول نص مسيحى يترجم كتب العهد القديم من النص اليهودى مباشرةً دون الرجوع للسبعينية، واطلق المعلم جيروم على الكتب الموجودة فى السبعينية ولم توجد فى النص يهودى مسمى الأبوكريفا أو الكتب المخفية (18 جزء) فى الإشرة الى الفرق بين النص اليهودى والترجمة السبعينية.

تعتمد الكنائس الغير بروتستنتية بعض من هذة الكتب الأبوكريفا ككتب قانونية يجب الأيمان بها. وكل كنيسة لها عدد مختلف من كتب الأبوكريفا عن الكنائس الاخرى فمثلا كنيسة الحبشة الأرثوذكسية هى الكنيسة الوحيدة فى العالم التى تؤمن بصحة وقانونية سفر أخنوخ، والكنيسة المصرية تؤمن بخمس كتب أبوكريفا منها طوبيا ويهوديت وحكمة سيراخ ومكابين .. الخ، وتؤمن الكنيسة الكاثوليكية بسبعة أسفار من الأسفار الأبوكريفا.
وتجد ملخص لهذة الأختلافات فى الفيديو التالى :
Note: Atheist Demonstration

مع أو ضد الأبوكريفا!


الدلائل مع:
أولا، أقوى الدلائل المستخدمة لأثبات قانونية كتب الأبوكريفا هى وجودها ضمن الترجمة السبعينية.

ثانيا، تظهر بعض كتب الأبوكريفا كسفر اخنوخ وطوبيا ويهوديت مكتوبة باللغة الأصلية فى بعض مخطوطات البحر الميت وهى تضم مايزيد على 850 قطعة مخطوطة، بعضها نصوص للكتاب المقدس وبعضها من كتب لم تكن تعرف أو كانت مفقودة. أول من عثر عليها هو راع فلسطيني اسمه محمد الذيب واكتشف المزيد بين عامي 1947 و1956 في 11 كهفًا في وادي قمران قرب خربة قمران شمال البحر الميت-الأردن. وقد أثارت المخطوطات اهتمام الباحثين والمختصين بدراسة نص العهد القديم لأنها تعود لما بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأول منه.

الدلائل ضد:
اولا، أقوى الدلائل ضد كتب الابوكريفا تستدل بالنص المتواتر لليهود الغير معترفين بهذة الكتب. فان عدم جمع عزرا الكاهن لهذة الكتب يدل على ان معظمها (عدا طوبيا ويهوديت) كُتبت بعد زمن هذا الرجل.

ثانيا، تظهر بعض الحقائق الغير كتابية فى متن نص هذة الاسفار فمثلا يقدم سفر طوبيا أسم شيطان قادر على قتل بنى البشر، ويستخدام ملاك يقال له رفائيل الكذب تعمدا لاخفاء شخصيتة عند مساعدة طوبيا, كما يقدم هذا الملاك نصائح طبية غير صحيحة بالمعايير الطبية الحالية وتبدى لنا اقرب للشعوذة والدجل المستخدمان قديما وهكذا.

وللأطلاع على النص : 

ففى النهاية لا ننكر تاريخية وقدم هذة الأسفار لكن ننكر قداستها وأرطباتهابالله.

رأى شخصى فى الأبوكريفا


لا اؤيد وجة النظر البروتستانتية فأن نص العهد القديم يجب أن يطابق النص المقدس لليهود فى العدد والجمع، ولكن يجب الأعتماد على السبعينية فى عملية الترجمة لتحاشى تغير معانى بعض الكلمات بغرض اخفاء النبوات التى تؤيد يسوع الناصرة بصفته المسىّ المنتظر لليهود.

وفى راى الشخصى، أن أختلاف عدد كتب العهد القديم بين كل كنيسة واخرى وبين كل تقليد رسولى واخر هو نتيجة مباشرة لانشقاق الكنائس و محاولة كل مجموعة منشقة تمييز أيمانها بشئ مختلف تتدعى فيه الصحة عن غيرها وهو ما قد أضرنا جميعا وأضر الحقيقة، والتى مازالت محفوظة عند أصحابها بالتواتر.

كما أُرجع تمسك المسيحيين بالسبعينية فى كلا العمليتان، الجمع والترجمة، لغياب الثقة بالجانب اليهودى لأشتعال الصراع الدائر بين الفرقتين -اليهود والمسيحيين- على أثبات مسيانية يسوع الناصرة من عدمة. واكرر ان نص السبعينية كان محل ثقة للمسيحيين لما للسبعينية من نفوذٍ وعمق ودلالة تاريخية محايده حيث انها ترجمة علماء يهود قبل مولد المسيح. وكانت الركيزة الأساسية التى يستخدامها المسيحيين في حوارهم مع اليهود ولكن تظل هذة الترجمة فى الأساس لم تُنجز بغرض إيمانى مقدس بل من أجل هدف حرَفى ومهنى بحت وهو أثراء مكتبة الأسكندرية.

بعض الأبوكريفا أو ما يطلق علية كتابات ما بين العهدين (القديم والجديد) تعتبر كتابات تاريخية أصيلة بل وكتابات مقدسة لما تحمل بين سطورها تاريخ اهم الحقب التاريخية وهي حقبة الصراع اليهودي مع الدولة العسكرية اليهودية ومنها قيم التوحيد المنضبط فمن ناحية ثار اليهود على ملوك لهم عندما طمعوا في جمع السلطة الدينية والدنياوية كما في حالة ثورة الفريسيين على الملك يوحنا الملقب بالسكندري والتي صلب فيها 800 فريسي كما ذكر في كتب التاريخ، ومن ناحية اخرى ثاروا عندما تعدى هذا الملك على حدود الله وغسل رجلة بماء المخصص لحدمة الهيكل بحجة سلطة الدولة والاستقرار ، بل نرى في ثورة المكابين ان الله وقف معهم ونصر اليهود على الاغيار من يونانين رغم ضعفهم!

وهو بالطبع درس من اهم دروس وعبر التاريخ يمكن ان نعتبر به في التعامل مع تجبر السلطة في كل وقت في ضوء تعاليم المسيح في العهد الجديد التي تضبط او تحرم بالاحرى التعامل بالعنف والسيف بالكره كما حدث في احداث الثورات اليهودية علي الرومان بدءا من احداث الاسكندرية التي حضؤها فيلو اليهودي حتى ثورة سنة 66 وحرب الكيتو ثم ثورة بار كوخبا وغيرها من اصطدام مباشر مع الدولة الرومانية.

فهذة الكتب التي يطلق عليها غير قانونية تؤرخ لفترة زمنية بين الكاهن عزرا وظهور المسيح أو ما يُعرف بعهد اليهود المكابين (والمكابيون هي مجموعة عسكرية يهودية قامت بثورة على حكام سوريا السلوقيين. تمكن المكابيون من تكوين السلالة الحشمونية التي حكمت فلسطين من 164 ق.م. وحتى 63 ق.م. قبل وقوعها في يد بومبى الروماني.) ودراستها تأتى فى أطار دراسة التاريخ الواجبة والمفيدة طبعا ودراسة للكتب المقدسة. ومن الجيد الذكر ان تاريخا تم اعتبار هذة الكتب غير مقدسة في عهد الاصلاخ الديني في أوروبا مع كتب مقدسة اخرى مثل سفر الرؤيا نفسة ومع رسالة الى العبرانين ورسائل يعقوب ويهوذا! للاكتفاء فقط 66 كتاب من اصل 73 كتاب. ويمكن معرفة هذا هنا: 

https://www.youtube.com/watch?v=DD9jnPCWNlE 

وللامانه أيضا، لا أرى أى معنى لاتهام اليهود بحذف أو زيادة أى من كتبهم وان كانوا فعلوا فلماذا لم يحذفوا النبوات التى أيدت يسوع الناصرة كمسي الله ! و كيف سوف يعرفون مسيحهم المُنتظر ان كانوا يتلاعبون بنصوص النبوات!؟ و غير هذا وهذا ايمانيا أن لم يحفظ الله كلامه فى العهد القديم كيف سوف نثق فيه مره اخرى فى نص العهد الجديد للانجيل. (راجع تثنية 2:4 وتثنية 32:12)

وفى النهاية، نلاحظ الترتيب االالهى فى جمع وحفظ وترجمة (اعادة أنتج المخطوطة بلغة اخرى) هذا النص التاريخى، ويبقى إيماننا بوجود الله وصلاحه وقدرته على تنفيذ مشيئته هو أقوى الدلائل،، الغير علمية!

0 comments: