بحث عن العرب - الجزء الأول
نبدء بحثنا هذا في الاصل التاريخي للعرب ككيان موجود بثوة اليوم. لكن كيف بدء ومتى حتى يجمع عناصر ثقافته من تاريخ ولغة
وموسيقى ودين الخ.
كالعادة نبدء من التوراة! نعم من التوارة بأعتباره وثيقة تاريخية يمكن في رأي ان نثق فيها وتحديدا ستكون بدايتنا من سفر التكون في جدول الأمم بني نوح. فلم يذكر هذا الجدول اي شئ عن العرب ككيان وهو اهتم كثيراً بجدولة وضم جميع الأمم المتعارف عليها وقت كتابته. والذي هو موضع اختلاف فالرأي الرسمي سقول انه كتب عن طريق موسي حوالى 1500 قبل الميلاد والغير رسمي لبعض العلماء شككوا في ان التوراة كتبت بعد رد السبي. وهذا الرأي الاخير مشكلة لأي باحث حيث ان وجود العرب لا يمكن اي كون تأخر لهذا الوقت كما سوف نثبت لاحقا.
الخلاصة ان جدول الأمم في التكوين لا يذكر امة العرب لكن السفر يذكر أسمان مهمين الاول يقطان بن عابر اخو فالج وله ثلاث عشر ابن. والعرب القحطانين ينسبوا نفيهم له اليوم. والنص يقول: وَلِعَابِرَ وُلِدَ ابْنَانِ: اسْمُ الْوَاحِدِ فَالَجُ لأَنَّ فِي أَيَّامِهِ قُسِمَتِ الأَرْضُ. وَاسْمُ أَخِيهِ يَقْطَانُ. 26 وَيَقْطَانُ وَلَدَ: أَلْمُودَادَ وَشَالَفَ وَحَضَرْمَوْتَ وَيَارَحَ 27 وَهَدُورَامَ وَأُوزَالَ وَدِقْلَةَ 28 وَعُوبَالَ وَأَبِيمَايِلَ وَشَبَا 29 وَأُوفِيرَ وَحَوِيلَةَ وَيُوبَابَ. جَمِيعُ هؤُلاَءِ بَنُو يَقْطَانَ.
وسنتكلم على اسم عابر لاحقا. اما الاسم الثاني هو اسم سيدنا اسماعيل ابن هاجر. وهو كما نعرف من اصل عراقي (أشوري) مصري فأبوه سيدنا ابراهيم من مدينة الكسديم بالعراق/أشور وأمة الكريمة هاجر مصرية. وله ينسب العرب العدنانية او المستعربة نفسهم اليه. وهو معنى كلمة مستعربة اعترافا ان ابوهم اسماعيل لم يكن عربياً ولا حتى ابناءه فأمهم زوجة سيدنا أسماعيل التي اختارتها هاجر له كانت مصرية ايضا..
النص يقول: وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. 13 وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14 وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15 وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16 هؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيسًا حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ.
من هنا نبدء بحثنا: مع ان لم يكتب عن اي من يقطان أو سيدنا اسماعيل وصف عربي في سفر التكوين غالبا لأنه في وقت كتابة السفر لم تكن كلمة "عربي" موجودة اصلا. او في احسن الاحوال كانت وصف لمهنة من يسكن الخيام في الصحراء ويرتحل بالرعي ليجد الماء والكلاء. وللتوضيح لا يوجد عرق اسمة عرقا او امة الفلاحين او عرق الحدادين أو النجارين.. الخ
علما ان بنو يقطان واسماعيل من سكان الشمال. وليس للجنوب اليمني اي صلة بهم حتى ظهور الاسلام. وان تشابهت اسماء بعض المناطق في اليمن مع اسماء بني يقطان هو أما من باب هجرة فعلية من الشمال للجنوب لبعض قبائل. او من باب استخدام للأسماء المشهورة. وخير مثل على هذا ان تل أبيب هو اسم لمدينة في العراق على نهر الخابور (قديما) وكانت مكان لسبي حزقيال النبي. ثم اعيد استخدام الاسم اليوم في اسرائيل للعاصمة. وليس من الضروري ابدا ان يكون سكان حضرموت اليمن هم ابناء يقطان بن عابر فعلا.
ولقبائل اليمن سكان مختلفين تماما عرقيا وثقافيا ولغويا ودينا وان كان انه حدث لاحقا في عهد الهليني اليوناني ان سميت الجزيرة بالعربية وسمي الجنوب بالعربية السعيدة فهذا من باب التعميم. فالمنطقة صحروية وكل اهلها من سكان الخيام الرخل فبالنسبة لليونانيين كلهم عرب. وعلية سمت المنطقة بالعربية وقسموها الى عربية البتراء والعربية السعيدة لاحقا في ال 500 سنة الاخيرة قبل الميلاد.
والآن نرجع الى 1500 قبل الميلاد غياب اي اثر لما يسمى الأمة العربية في التاريخ. لكن يظهر الاسم في النص التوراتي مع الأمم المتعاملة مع النبي سليمان (1000 قبل الميلاد) فيقول النص: فَضْلًا عَنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ التُّجَّارُ وَالْمُسْتَبْضِعُونَ. وَكُلُّ مُلُوكِ الْعَرَبِ وَوُلاَةُ الأَرْضِ كَانُوا يَأْتُونَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إِلَى سُلَيْمَانَ.وفي هذا النص لم توصف ملكة التيمن أو ملكة سبأ جنوباً بكلمة "عربية"
كما يظهر جليا دقة التوصيف في النص في حادثة النبي يوسف (حوالى 1950 قبل الميلاد) فيقول وَاجْتَازَ رِجَالٌ مِدْيَانِيُّونَ تُجَّارٌ، فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ الْبِئْرِ، وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلإِسْمَاعِيلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَأَتَوْا بِيُوسُفَ إِلَى مِصْرَ. ولم يصفهم او يذكر كلمة عرب. وفي عصر قضاة اسرائيل اي قبل 1000 قبل الميلاد لم تكن ظهر تسمية لامة بهذا الاسم "عرب" بل تسمى القبائل باسمها فبقول النص: إِذَا زَرَعَ إِسْرَائِيلُ، كَانَ يَصْعَدُ الْمِدْيَانِيُّونَ وَالْعَمَالِقَةُ وَبَنُو الْمَشْرِقِ، يَصْعَدُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَنْزِلُونَ عَلَيْهِمْ وَيُتْلِفُونَ غَلَّةَ الأَرْضِ إِلَى مَجِيئِكَ إِلَى غَزَّةَ، وَلاَ يَتْرُكُونَ لإِسْرَائِيلَ قُوتَ الْحَيَاةِ، وَلاَ غَنَمًا وَلاَ بَقَرًا وَلاَ حَمِيرًا.
كما ظهر كلمة "أعرابي" كوصف لعمل في أشعياء 13 فيقول: اَ تُعْمَرُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ تُسْكَنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ، وَلاَ يُخَيِّمُ هُنَاكَ أَعْرَابِيٌّ، وَلاَ يُرْبِضُ هُنَاكَ رُعَاةٌ. وكم نعرف ان النبي اشعياء كتب حوالى 715 قبل الميلاد واستكمل السفر لحكم كورش. وأجمالا كان النص التوراتي يطلق عليهم وصف "بني المشرق" لانهم كانوا يسكنون شرق ارض اليهود والفلسطيني غربهم ويظهر هذا في نص اشعياء: وَيَنْقَضَّانِ عَلَى أَكْتَافِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ غَرْبًا، وَيَنْهَبُونَ بَنِي الْمَشْرِقِ مَعًا.
وعلية يعتبر النص في التوراة اقدم دليل تاريخي يذكر فيه كلمة عرب. وهذا التاريخ (1000 ق.م) في التوراة يعتبر اقدم تاريخ لظهور امة وكيان للعرب سكان الصحراء. وقبل حتى تاريخ ظهور هذة الكلمة في السجلات الاشورية وصفا للملك جندبو العربي وهو كان أحد ملوك مملكة قيدار العربية عام 853 ق.م وشارك بألف جمّال مع جيش الحلفاء في معركة قرقر ضد الدولة الآشورية، وقد ذكرته المصادر الاشورية، ويعتبر هذا السجل من الإشارات الأولى والاقدم إلى وجود العرب في ذلك الوقت. قاد جندبو القوات العربية في معركة قرقر (853 قبل الميلاد) وكان حليف بن حديد ملك الاراميين في دمشق، قاتلا معا ضد الاشوريين، ذكر في السجلات الاشورية كعربي ويعتبر ذلك اقدم ذكر "للعرب"، ولكن يظل شمالا في بلاد سام أو الشام كما نطلق عليها اليوم وليس للحجاز او الجنوبها اي علاقة بالعرب حتى هنا.
وفي النص: فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى وَقَالَ: «هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ، وَيَقِفُ وَيَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ فَيَشْفِي الأَبْرَصَ. أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟» وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ. وفي موضع اخر مع النبي اليشع.. وَأَمَّا مَلِكُ أَرَامَ فَكَانَ يُحَارِبُ إِسْرَائِيلَ، وَتَآمَرَ مَعَ عَبِيدِهِ قَائِلًا: «فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ تَكُونُ مَحَلَّتِي».
وهنا نلاحظ تزامن النص مع الدليل الاركيولوجي في تاريخ تكون تجمع لأمة العرب شمالا وهو من 1200 ق.م الى 900 ق.م. هؤلاء كانوا يتكلمون الآرامية بالتأكيد والسريانية الشرقية اليوم هي الاقرب للسانهم. وهي مختلفة عن الكنعانية/العبرية المنتشرة في اسرائيل انذاك فهي لم تكن اللغة الوحيدة لمنطقة الهلال الخصيب كما حدث لاحقاً كما سوف نشرح. وان كان اللغتان الآرامية والكنعانية تشتركا في اصل واحد يستعمل الوزن الثلاثي.
0 comments: