المسيح ابن الانسان : تاريخ الهرطدوكسية وتشكيل العقيدة المسيحية ج2

7/31/2015 01:13:00 ص 0 Comments


بعد توصيف علاقة المسيح بابن الله فى مجمع نيقية 325م، تاتى مرحلة جمع الانجيل وتقنين كتبه والتى انتهت فى سنة (382-405م) بترجمة الفولجاتا للمعلم جيروم. لتبدء مرحلة توصيف المسيح بابن الانسان وعلاقته بنا كبشر فسرعان ما انصرف اللاهوتيون إلى طرح موضوع  نوعية "الاتحاد" بين جوهر يسوع الإلهي وجوهره البشري والتى اثارها ظهور الموجة الثانية من البدع وكان يتزعمها هذة المرة نسطور اسقف القسطنطينية


سبب ظهور هذة الهرطقة كان عدم وضوح الفرق فى المعنى بين كلمات Hypostasis و ousia عند بعض اللاهوتين الاسكندرية، لعدم وجود مرادفات تحتوى مثل هذة التفرقة الدقيقة فى الوصف والمعني فى لغاتهم الأصلية، وبالتالى عدم فهمهم وأدراكهم لتمام المعنى المراد التعبير عنه بوسطة هذة الألفاظ من قبل مستخدميها المتكلمين باللغة اليونانية. 

بل كان القديس أثناسيوس الرسولي يستخدم اصطلاح الـ"أوسيا" واصطلاح "الهيبوستاسيس" كمترادفين يحل أحدهما محل الآخر (وهو ما لم يكن مألوفاً في مدرسة اللاهوت الأنطاكية)، ويشاركه في ذلك القديس جيروم (342-420 م.). إلًا أنه فيما بعد قد أصبح هناك فرق واضح بين إلى "أوسيا" كجوهر، والهيبوستاسيس كأقنوم (ولتوضيح معني يمكن ان يكون لديك عملتان بقيم مختلفة Hypostasis لكنهم مصنوعتان من نفس المادة أى من نفس الجوهر ousia الحديد مثلا) وهذا ما قد يكون اسس سوء الفهم الذى ادى الى انشقاق الكنيسة فى مجمع خلقدونية سنة 451م.

حينها قال نسطور بأن يسوع المسيح مكون من جوهرين يعبر عنهما بالطبيعتين وهما : جوهر إلهي وهو الكلمة، وجوهر إنساني أو بشري وهو يسوع ، فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح، بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهية، وبالتالي لا يجوز إطلاق اسم والدة الإله على مريم العذراء بحسب النسطورية، لم تلد إلها بل إنساناً فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب، فيكون هذا المذهب بذلك مخالفاً للمسيحية التقليدية القائلة بوجود أقنوم الكلمة المتجسد الواحد ذو الطبيعتين الإلهية والبشرية بغير أختلاط ولا تغير.



اعتماد هذة النظرية يؤدى بنا الى تفضيل استعمال عبارة كريستوطوقس (والدة المسيح) بدلا عن ثيوطوقس (والدة الله) في وصف مريم العذراء. نشبت على أثره خلاف عقائدي بينه وبين كيرلس بطريرك الإسكندرية أدى في نهاية الأمر إلى حرمانه ومنع تعاليم مدرسة الرها المقربة منه. غير أن نسطور نفى في كتابه بازار هيراقليدس الذي كتبه في منفاه بمصر أن يكون قد دعا إلى فصل الطبيعتين. كما يرى معظم لاهوتيي القرن العشرين أن نسطور نفسه لم يكن نسطوريا بحسب التعريف التقليدي لها.

ملحوظة: فى رأي الشخصي، محل الخلاف بين كرسى القسطنطينية والكرسى السكندرى الذى أدى الى انشقاق الكنيسة كان خلاف سياسى بحت ولا يمت للعقيدة بشئ. سيطرت فيه "الانا" لكل الرعاه وادى هذا الى تمزيق جسد الكنيسة (أقرأ المزيد عن هذا الرأي هنا : فتن المجامع و وحدة الكنيسة )

والنسطورية تاتى من بدعة اخرى وهى الأبولينارية فلقد حوّل أبوليناريوس أسقف اللاذقية تعليم ثلاثية تكوين الإنسان من سيكولوجية أفلاطون إلى كريستولوجى، فقال: كما أن الإنسان العادى مكوَّن من جسد ونفس وروح، هكذا يسوع المسيح هو مكوّن من جسد ونفس والكلمة (اللوغوس). وفي رأيه أن الكلمة قد حل محل الروح واتحد بالجسد والنفس لتكوين الاتحاد.

لم يتصور أبوليناريوس إمكانية وجود نفس إنسانية عاقلة في المسيح في وجود الله الكلمة الذي هو روح والذي هو العقل الإلهى منطوق به. ربما تصوّر أبوليناريوس أن النفس الإنسانية العاقلة تعنى بالضرورة شخصًا بشريًا متمايزًا عن شخص الله الكلمة. بمعنى أنه خلط بين مفهوم الشخص الذي هو مالك الطبيعة، ومفهوم العقل الذي هو أحد خواص الطبيعة التي يملكها الشخص، أي أنه اعتبر أن الشخص هو العقل. وأراد بإلغاء الروح الإنسانية العاقلة أن يؤكّد أن شخص كلمة الله هو الذي تجسد وهو هو نفسه يسوع المسيح. بمعنى أن كلمة الله لم يتخذ شخصًا من البشر بل اتخذ جسدًا ذا نفس بلا روح عاقلة. وبهذا تتحقق -فى نظره- وحدة الطبيعة  في المسيح الكلمة المتجسد وعصمته من الخطيئة.

 وقد تصوّر البعض أن القديس أثناسيوس الرسولى في القرن الرابع قد تأثر بفكر وتعليم أبوليناريوس في تعاليمه الكريستولوجية. ولكن القديس أثناسيوس قد شرح هذا الأمر باستقامته المعروفة في التعليم في رسالته إلى أبيكتيتوس. وقال أن عبارة القديس يوحنا الانجيلى أن "الكلمة صار جسدًا" (يو1: 14) تعنى أن "الكلمة صار إنسانًا" وأن السيد المسيح قد اتخذ طبيعة بشرية كاملة من جسد وروح عاقلة. فقال القديس أثناسيوس: [ لأن القول "الكلمة صار جسدًا" هو مساو أيضًا للقول "الكلمة صار إنسانًا" حسب ما قيل في يوئيل النبى "إنى سأسكب من روحي على كل جسد" لأن الوعد لم يكن ممتدًا إلى الحيوانات غير الناطقة، بل هو للبشر الذين من أجلهم قد صار الرب إنسانًا.

وقال أيضًا في نفس الرسالة: إلا أن خلاصنا، في واقع الأمر، لا يعتبر خيالًا، فليس الجسد وحده هو الذي حصل على الخلاص، بل الإنسان كله من نفس وجسد حقًا، قد صار له الخلاص في الكلمة ذاته.
وقد أستخدم البابا أثناسيوس الرسولي (ولد في 293، توفي في 2 مايو 373) فى وصف أتحاد الاب بالأبن
[طبيعة φύσiς إلهيَّة واحدة - one is the divine nature].
وعنه القديس كيرلس الكبير فى وصف أتحاد اللاهوت والناسوت(412-444 م.) 
[طبيعة φύσiς واحدة لله الكلمة في تجسّده]

والجدير بالذكر ان اللفظ المستخدم هنا 
φύσiς وتنطق phúsis أو طبيعة وجود ولم يتطرقوا للتفرقة بين Hypostasis و ousia انما تكلموا فى وحدة الوجود فى شخص المسيح والتي نعبر عنها اليوم بـ "اتحدتا أقنوميًا وطبيعيًا بلا امتزاج ولا تغيير، بلا انقسام ولا انفصال" فى الاتفاقية الكريستولوجية بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع الروم الأرثوذكس 1990 ولتي أنهت خلاف مجمع خلفدونية في طبيعة المسيح بين الطوائف الشرقية والغربية.

وننقل هنا من بنود هذة الاتفاقية الآتي:
=================================================

1. تتفق كلتا العائلتان على إدانة الهرطقة الأوطاخية. إذ تعترف العائلتان بأن اللوغوس، الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس، الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، والمساوي له في الجوهر Consubstantial، قد تجسد وولد من العذراء مريم والدة الإله، وهو مساو تمامًا لنا في الجوهر، إنسان كامل بنفس وجسد وعقل nou'"؛ قد صُلب ومات ودفن وقام من الأموات في اليوم الثالث، وصعد إلى الآب السماوي، حيث يجلس عن يمين الآب كرب للخليقة كلها. وقد أعلن في يوم الخمسين، عند حلول الروح القدس، أن الكنيسة هي جسده، وننتظر مجيئه الثاني في كمال مجده، كما جاء في الكتب.

2. تدين العائلتان البدعة النسطورية والنسطورية الخفية التي لثيئودوريت أسقف قورش. لقد اتفقتا على أنه لا يكفى مجرد القول بأن المسيح مساو لأبيه ومساوٍ لنا في الجوهر، أنه بالطبيعة هو الله، وبالطبيعة هو إنسان، إنما يلزم بالضرورة التأكيد على أن اللوغوس، الذي هو بالطبيعة الله، قد صار بالطبيعة إنسانًا بتجسده في ملء الزمان.

3. اتفقت كلتا العائلتان على أن أقنوم اللوغوس صار مركبًا σύνθετος (سينثيتوس) بإتحاد طبيعته الإلهية غير المخلوقة بما في ذلك طاقتها وإرادتها الطبيعية والتي يشترك فيها مع الآب والروح القدس، بالطبيعة الإنسانية المخلوقة التي اتخذها بتجسده وجعلها خاصة به، بما في ذلك طاقتها وإرادتها الطبيعية.

4. اتفقت كلتا العائلتان على أن الطبيعيتين بطاقاتهما الخاصة بهما وإرادتيهما قد اتحدتا أقنوميًا وطبيعيًا بلا امتزاج ولا تغيير، بلا انقسام ولا انفصال، وأن التمايز بينهما في الفكر فقط τη θεωρία μόνη (تى ثيئوريا مونى).

5. اتفقت كلتا العائلتان على أن الذي يريد ويعمل على الدوام هو الأقنوم الواحد للكلمة المتجسد.

6. اتفقت كلتا العائلتان على رفض تفسيرات المجامع التي لا تتفق بالتمام مع قرارات المجمع المسكوني الثالث ورسالة القديس كيرلس الإسكندري ليوحنا الأنطاكي (سنة 433م).

7. وافق الأرثوذكس على أن يستمر الأرثوذكس الشرقيون في الحفاظ على اصطلاحهم التقليدي الكيرلسي:  "طبيـعـة واحــدة متجسـدة لله الكلـمة" μία φύσις του θεου λογου σεσαρκωμένη، حيث يعترفون بالوحدانية والمساواة المزدوجة في الجوهر Consubstantial للوغوس الأمر الذي أنكره أوطاخي. يستخدم الأرثوذكس أيضًا هذا الاصطلاح. يتفق الأرثوذكس الشرقيون بأن الأرثوذكس محقون في استخدامهم صيغة الطبيعتين، حيث إنهم يقرون أن التمايز "في الفكر فقط" τη θεωρία μόνη. لقد فسّر كيرلس هذا الاستخدام تفسيرًا صحيحًا في رسالته إلى يوحنا الأنطاكي وفي رسائله إلى أكاكيوس أسقف ملتين (Pg.77, 184-201)، وإلى أولوجيوس ((PG.77, 224-228، وإلى سكسينسوس (Pg.77, 228-245).

8. قَبلَت كلتا العائلتان المجامع المسكونية الثلاثة الأولى، التي تشكّل ميراثنا المشترك. بخصوص المجامع الأربعة الأخيرة للكنيسة الأرثوذكسية، أقر الأرثوذكس أنه بالنسبة إليهم فإن النقاط السبع المذكورة أعلاه هي أيضًا تعاليم مجامعهم الأربعة الأخيرة، بينما يعتبر الأرثوذكس الشرقيون بيان الأرثوذكس هذا هو تفسيرهم. بهذا الفهم يتجاوب الأرثوذكس الشرقيون مع هذه المجامع إيجابيًا.
9. على ضوء إتفاقيتنا الخاصة بالكريستولوجى (المسيحياني) إلى جوار التأكيدات المشتركة المذكورة عاليه، فقد فهمنا الآن بوضوح أن العائلتين قد حفظتا على الدوام بإخلاص نفس الإيمان الأرثوذكسي الكريستولوجي (المسيحياني) الأصيل، مع التقليد الرسولي غير المنقطع (المستمر)، بالرغم من استخدامهما الاصطلاحات الكريستولوجية (المسيحيانية) بطرق مختلفة. أن هذا الإيمان المشترك والولاء المستمر للتقليد الرسولي هو الأساس الذي عليه ينبغي أن تقوم وحدتنا وشركتنا.


10. اتفقت العائلتان على أنه يجب على الكنائس رفع كل الحروم (أناثيما) والإدانات التي صدرت في الماضي والتي تقسمنا الآن، وذلك لكي تُزال آخر عقبة أمام الوحدة الكاملة والشركة بين العائلتين، وذلك بنعمة الله وقوته. اتفقت كلتا العائلتان على أن رفع الحروم والإدانات سوف يتم على أساس أن المجامع والآباء الذين حُرموا أو أُدينوا سابقًا لم يكونوا هراطقة.
=================================================

 وتاريخيا، كان رأى آباء مجمع القسطنطينية أن السيد المسيح له نفس إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات. وأنه كان ينبغي أن تكون للمسيح إنسانية كاملة لكي يتم افتداء الطبيعة الإنسانية. وأن الروح البشرية مثلها مثل الجسد في حاجة إلى الفداء وهي مسئولة عن سقوط الإنسان. فبدون الروح البشرية العاقلة كيف يكون الإنسان مسئولًا مسئولية أدبية عن خطيئته؟  فالروح البشرية أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص، ولهذا يجب أن يتخذها كلمة الله مع الجسد لأن ما لم يتخذ لا يمكن أن يخلص، كما قال القديس غريغوريوس النازيانزى عبارته المشهورة ضد أبوليناريوس في رسالة إلى الكاهن كليدونيوس "لأن ما لم يتخذه (الله الكلمة) فإنه لم يعالجه؛ ولكن ما تم توحيده بلاهوته فهذا يخلص".

بمعنى أن ما لم يُتَخَذ بواسطة الله الكلمة لا يخلص. أي إذا اتخذ الله الكلمة جسدًا فقط فإن الجسد هو الذي سيخلص، وإذا اتخذ جسد وروح سيخلص الجسد والروح. 

 إن أهم ما شغل الآباء ضد الأبولينارية هو "أن النفس الإنسانية العاقلة، بقدرتها على الاختيار، كانت هي مقر الخطيئة كرسى الخطية  seat of sin؛ ولو لم يوحّد الكلمة هذه النفس بنفسه، فإن خلاص الجنس البشرى لم يكن ممكنًا".






أى أن الآباء يعتبرون أن الروح الإنسانى العاقل في الإنسان هي الجوهر الأقوى، وهو القادر على اتخاذ القرار، في أن يعيش الإنسان في الخطية أو أن ينفّذ وصايا الله. فيقول الكتاب "إن عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيوْن" (رو8: 13). ولأن الشخص في الإنسان مرتبط بالروح العاقل، فالروح العاقل هو الذي يتخذ القرار. والجسد عندما يموت لا يضيع الشخص بل يظل موجودًا مع الروح. مثال لذلك القديسين الذين استشهدوا أو انتقلوا فإن أرواحهم مع أشخاصهم مازالت موجودة وتظهر وتتحرك وتعمل المعجزات. فالجسد يموت ولكن يبقى الروح حى، وبما أن الكيان الحى الذي لا يموت في الإنسان هو الروح لذلك فإن الشخص مرتبط به.  

وكذلك في تجسد الله الكلمة: فإن الشخص كان مرتبطًا باللاهوت، لذلك فإن روحه الإنسانى لم يكن شخص وكذلك جسده لم يكن شخص. إنما شخصه هو في الجوهر الأسمى الذي يجمع الثلاثة طبائع معًا أي طبيعة اللاهوت مع طبيعة الروح الإنسانى وطبيعة الجسد.

وان الإنسان له طبيعتان يكوِّنان طبيعة واحدة، لذلك فالشخص موجود مع الروح الإنسانى الذي هو الجوهر الأسمى في الإنسان، أما في المسيح فالجوهر الأسمى هو اللاهوت لذلك فهو شخصه، ويجمع الروح والجسد الإنسانى في نفس هذا الشخص الواحد.

إن الشخص هو مالك الطبيعة ومالك الجوهر ومالك الكيان، هو صاحب ال (الإيجو) أي "الأنا". وفي حالة الكلمة المتجسد الذي يقول "أنا" هو الذي تجسد، واللاهوت لاهوته هو. ولأن الله الكلمة هو نفسه اتخذ ناسوتًا وصار إنسانًا، وهو نفسه تجسد، فليس محتاجًا لمالك آخر ينافسه، أي ليس محتاجًا لأن يكون لديه اثنين من المُلاك أحدهما يملك الناسوت والآخر يملك اللاهوت. لأنه لو كان الأمر هكذا لصارت مجرد سكنى، لأن وجود اثنين يعنى سكنى الواحد في الآخر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لكن مثلما تتحد روح الإنسان بالجسد وكلاهما يملكهما نفس الشخص، هكذا فإن لاهوت السيد المسيح متحد بناسوته، وكليهما (اللاهوت والناسوت) يملكهما نفس الشخص، الذي هو شخص الابن الوحيد.

إن عبارة "أن النفس الإنسانية العاقلة، بقدرتها على الاختيار، كانت هي مقر الخطيئة" التي قالها الآباء سببها أن النفس هي التي تختار، وذلك لأن الشخص مرتبط بالروح، فدائمًا القرار في النهاية هو قرار روح الإنسان المرتبط بالشخص، لأن القرار هو قرار شخصى personal  decision.

0 comments:

وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ : علامات نبوة أشعياء 19

7/31/2015 12:52:00 ص 0 Comments


يُعرف سفر أشعياء النبى بالكثير من النبوات التى تحققت بدقة فى أزمان لاحقة لكتابة هذا السفر (650 ق.م) ومنها نبوات عن المسى المنتظر وولادته فى بيت لحم من بيت داوود و صلب المسيح .. الخ.
وأيضا نبوات عن مناطق مختلفة فى العالم، فتبدء كل نبوة باسم المنطقة موضوع النبوة. فمثلا نجد..
وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَابِلَ (العراق) فى أشعياء 13

 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مُوآبَ (الأردن) فى أشعياء 15,

 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دِمَشْقَ فى أشعياء 17,

وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ فى أشعياء 19,
..
وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ فى أشعياء 21

الخ.

وسنحاول هنا تفسير علامات نبوة أشعياء 19 والتى تبدء بـ وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ -بوجهة نظر شخصية- لمحاولة أثبات ان هذه النبوة لم تتحقق بعد! رغم ان كثير من المفسرين يعتقدوا ان هذة النبوه تحققت بالفعل فى الماضى البعيد. و منهم القمص تادرس يعقوب و القمص أنطونيوس فكري و يمكنك الطلاع غلى تفسيرتهم فى موقع الانبا تكلا على الرابط التالى:

والجدير بالذكر ان فى اخر هذة النبوة آية "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ،" التى يحلو للكثير من المؤمنين المصريين ترديدها للدلاله على مكانة مصر فى الكتاب! وهنا سنوضح أن هذه الآيه باعتبار ما سوف يكون، أى انها لا تستخدم بطريقة صحيحة، وأن يجب أن تذكر فى ثياق النبوة كاملة كما هى : «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».

وللتوضيح، أجمع مفسيرين العهد القديم أن مصر دائما تشير للمملكة المتعجرفة ، المفتخرة والمتكبرة بنيلها وأرضها وخيراتها.  وفرعون المتكبر القاسي يشير لرئيس هذا العالم (إبليس) كما رأينا في أيام وجود الشعب في مصر وخروجه منها.
----------------------------------- نص النبوة

وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ: هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا. وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً. وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ. وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ.وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ. وَالرِّيَاضُ عَلَى النِّيلِ عَلَى حَافَةِ النِّيلِ، وَكُلُّ مَزْرَعَةٍ عَلَى النِّيلِ تَيْبَسُ وَتَتَبَدَّدُ وَلاَ تَكُونُ. وَالصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يُلْقُونَ شِصًّا فِي النِّيلِ يَنُوحُونَ. وَالَّذِينَ يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ يَحْزَنُونَ، وَيَخْزَى الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْكَتَّانَ الْمُمَشَّطَ، وَالَّذِينَ يَحِيكُونَ الأَنْسِجَةَ الْبَيْضَاءَ. وَتَكُونُ عُمُدُهَا مَسْحُوقَةً، وَكُلُّ الْعَامِلِينَ بِالأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي النَّفْسِ.

إِنَّ رُؤَسَاءَ صُوعَنَ أَغْبِيَاءُ! حُكَمَاءُ مُشِيرِي فِرْعَوْنَ مَشُورَتُهُمْ بَهِيمِيَّةٌ! كَيْفَ تَقُولُونَ لِفِرْعَوْنَ: «أَنَا ابْنُ حُكَمَاءَ، ابْنُ مُلُوكٍ قُدَمَاءَ»؟ فَأَيْنَ هُمْ حُكَمَاؤُكَ؟ فَلْيُخْبِرُوكَ. لِيَعْرِفُوا مَاذَا قَضَى بِهِ رَبُّ الْجُنُودِ عَلَى مِصْرَ. رُؤَسَاءُ صُوعَنَ صَارُوا أَغْبِيَاءَ. رُؤَسَاءُ نُوفَ انْخَدَعُوا. وَأَضَلَّ مِصْرَ وُجُوهُ أَسْبَاطِهَا. مَزَجَ الرَّبُّ فِي وَسَطِهَا رُوحَ غَيٍّ، فَأَضَلُّوا مِصْرَ فِي كُلِّ عَمَلِهَا، كَتَرَنُّحِ السَّكْرَانِ فِي قَيْئِهِ. فَلاَ يَكُونُ لِمِصْرَ عَمَلٌ  يَعْمَلُهُ رَأْسٌ أَوْ ذَنَبٌ، نَخْلَةٌ أَوْ أَسَلَةٌ.

فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ مِصْرُ كَالنِّسَاءِ، فَتَرْتَعِدُ وَتَرْجُفُ مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّتِي يَهُزُّهَا عَلَيْهَا. وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ. كُلُّ مَنْ تَذَكَّرَهَا يَرْتَعِبُ مِنْ أَمَامِ قَضَاءِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ عَلَيْهَا. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ خَمْسُ مُدُنٍ تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ وَتَحْلِفُ لِرَبِّ الْجُنُودِ، يُقَالُ لإِحْدَاهَا «مَدِينَةُ الشَّمْسِ». فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا. فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ. فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ. وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ.

فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ، فَيَجِيءُ الأَشُّورِيُّونَ إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ، وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الأَشُّورِيِّينَ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلُثًا لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ، بَرَكَةً فِي الأَرْضِ، بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».

----------------------------------- علامات النبوة


أما علامات الزمان المذكورة فى هذة النبوة فتبدء بكلمة "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ" كما سوف نرى، ففىآية (16) في ذلك اليوم تكون مصر كالنساء فترتعد وترجف من هزة يد رب الجنود التي يهزها عليها. (17) وتكون ارض يهوذا رعبا لمصر كل من تذكرها يرتعب من أمام قضاء رب الجنود الذي يقضي به عليها.


أرض يهوذا = أسرائيل
تريخيا ً, لم يحدث أن اسرئيل - وهى بلد صغير نسبيا بالنسبة لمملكة فرعون - أن كانت رعباً لأرض مصر الا بعد قيام اسرائيل 48 ! فحدث بين اسرائيل ومصر اكثر من حرب فازت مصر بالأخيرة (73) والتى انتهت بمعاهدة كامب ديفيد.

و تاريخيا، فى وقت كتابة هذة النبوة, أى منذ 650 ق.م وحتى ١٩٤٨م، كانت اسرائيل (أن وجدت!) كيان بدوى لا يشكل للمصريين و حضارتهم اى خطر او تهديد (راجع لوحة مرنبتاح المعروفة بإنشودة النصر أو لوحة اسرائيل المحفوظة في التحف المصري تحت رقم 34025)

آية (18) في ذلك اليوم يكون في ارض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس.

كنعان = فلسطين
ولم يحدث ان تكلمت خمس مدن مصرية بلغة اهل كنعان الا بعد دخول العرب و انتشار العربية قى كل من المنطقتين المذكورتين فى الأية، فتكلم اهل مصر و اهل كنعان (الفلسطنيين) باللسان العربى.


مدينة الشمس = القاهرة
وهنا يقدم القمص انطونيوس فكرى التفسير التالى : هليوبوليس, والقاهرة عرفت في العصر الفرعوني باسم من نفر أي الميناء الجميلة وضاحيتها مدينة الشمس بالهيروغليفية: أون وبالإغريقية:هليوبوليس.

The city of destruction!!

ويذكر ان في الحاشية كلمة إر-ها - شيرس = مدينة الهلاك! وليس مدينة الشمس. و مدينة الهلاك هى الترجمة المتفق عليها فى كل لغات العالم عدا الترجمة العربية!! وهى -فى رأى- تشير أيضا الى القاهرة والتى سميت بهذا الأسم لأنها تقهر اعدائها. وفى الحالتين سواء كانت الترجمة الصحيحة هى الشمس أو الهلاك فأعتقد أن المدينة التى تتكلم عنها النبوة هى العاصمة، أهم المدن الخمس، أو القاهرة.

ووجب التنوية ان حديثا قد تم الاعلان على هامش المؤتمر الاقتصادي المنعقد فى 2014 عن بناء عاصمة سياحية جديدة اسمها "مدينة الشمس" وان كانت مصادفه فوجب علينا التنوية.. مصدر الخبر : http://www.tahrirnews.com/posts/217689
آية (19) في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر وعمود للرب عند تخمها.

 مذبح للرب في وسط أرض مصر = مذبح دير المحرق
عمود عند تخمها = مرقسية الاسكندرية

آية (20) فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في ارض مصر لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم. (21) فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به. (22) يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم.


تتكلم النبوة بصيغة المستقبل فتقول ان بعد خلاص الله المصريين من مضايقيهم "فيعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم!
أى انهم لم يكونوا يعرفوه من قبل!! مع أن أول النبوة ذكر "هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا."
And the LORD shall be known to Egypt, and the Egyptians shall know the LORD in that day, and shall do sacrifice and oblation; yea, they shall vow a vow unto the LORD, and perform it.

آية (23) في ذلك اليوم تكون سكة من مصر إلى أشور فيجيء الأشوريون إلى مصر والمصريون إلى أشور ويعبد المصريون مع الأشوريين. (24) في ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثا لمصر ولأشور بركة في الأرض.



 أشور = شمال العراق وسوريا (مناطق انتشار داعش و جيش البيشمركة )
وهنا سوف يعبد المصريين و الاشوريين (السوريين) معا وسوف تكون اسرائيل ثالثا فى الوحدة مع مصر و سوريا -حسب النبوة- ولكن دون العباده!!

و حينئذ فقط سيكون «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ». كما هو فى الاية الاخيرة

-----------------------------------

وقال المسيح : السماء و الأرض تزولان و حرف واحد من كلامي لا يزول.

آمين

0 comments:

مقدمة فى علوم النقد النصي

7/31/2015 12:10:00 ص 0 Comments

"النقد النصي" هو دراسة المخطوطات القديمة للوثائق محل الفحص بهدف مقارنة محتواها بالنص الحالي ومحاولة إعدة بناء النص الاصلي عن طريق ازالة اي إضافات او تغير تمت بقصد او بغير قصد اثناء عمليات النسخ. حيث كانت تتم عملية النسخ قديما يدويا عن طريق النساخ مما يعرض هذا النسخ للاخطاء البشرية او الاهواء المختلفة.

انواع النقد للنصوص التاريخية:

1- نقد عالي: فحص يتم بغرض تحديد المؤلفين وتأريخ ومكان تأليف النص ويعتمد هذا النوع من الفحص على تحليل الاسلوب الادبي وتراكيب (فقه) اللغة والالفاظ الشائعة لتحديد تاريخ كتابة االنص وتتطابق الثياق العام للنص.

2- نقد سفلي: فحص يتم بغرض تحديد سلامة تسليم النص من جيل الي جيل عبر الزمن بهدف ترميم واعادة بناء النص. ويعتمد هذا النوع  من الفحص علي تحليل شكل (رسم) وهيكل (نوع الخط وطريقة الكتابة) محتوي اقدم النسخ الموجودة للنص واستخراج الاختلافات عن النسخة الحالية للنص وتُسمي هذة الاختلافات قراءات.

ويمكن تطبيق هذة المنهجية على كل النصوص التاريخية، فتعتبر أعمال شكسبير في اللغة الإنجليزية أرض خصبة للنقد النصي لأنها تحوي كمية من التنوعات ولاهتمام النقاد بإنتاج طبعات أفضل. وبالرغم من أن مبادئ النقد النصي وضعت أصلا للأعمال القديمة كنص الكتاب المقدس إلا أنها طبقت على أعمال أخرى تعود للماضي وحتى القرن العشرين.

والمشكلة المراد حلها بتعرف الباحث الالماني بول ماس (1964 – 1980) تُعرَف كالآتي " نحن لا نمتلك مخطوطات للنصوص الاصلية المكتوبة بخط يد اصحابها من اليونانين والرومان ولا حتى نمتلك نسخ مباشرة عن هذة الأصول؛ وجميع المخطوطات التي نمتلكها مأخوذة عن هذة الأصول عبر عدد غير معلوم من النسخ وهذا علي الدوام يجعها موضع فحص وتحقيق منا بغرض انتاج نص اقرب ما يكون للنص الاصلي"
Maas P. 1958. Textual criticism. Oxford. p1


تاريخيا، بدءت علوم ما يُعرف بالنقد النصي مع استغلال الأمريكان لأبحاث الأنجليزيان ويستكوت وهورت واكتشاف مخطوطتان للانجيل قديمتان مجهولتا المصدر. واحدة وجدت في دير سانت كاترين ومعروفة بالمخطوطة السينائية، والاخرى فى الفاتيكان والمعروفة بالمخطوطة الفيتكانية.

ومع أكتشاف هذة المخطوطات عام 1881م بدء ظهور علم النقد النصى وهو علم يقوم على مقارنة محتوى المخطوطات القديمة بعضها ببعض ومقارنتها بالنص الحالى المتعارف علية. وساعد هذا العلم على ظهور النسخ الأمريكية الجديدة من الكتاب المقدس كالنسخة الدولية الجديدة والنسخة الامريكية القياسية و النسخة المنقحة والى اخر هذة المسميات التى ليس لها حصر. فبدل الاعتماد على القراءة الاخيرة للنص أصبح الاعتماد على أقدم قراءة للنص. ومع ظهور كل مخطوطة قديمة تتغير هذة القراءة بحيث يكون الناتج عددا لا يحصى من نسخ الانجيل والتى تكون فى حد ذاتها طعن فى الحقيقة أكثر منها سعياً ورائها.

وعلى أساس هذا العلم يقوم بعض الغير مؤمنين بالمسيحية بالطعن على صحة العهد الجديد للكتاب المقدس بل وعلى الأيمان المسيحى من خلالة! مع ان معظم العلماء القائمين على هذا العلم هم من معتنقى المعتقد المسيحى فى الله ولم يطعن احدهم فى أيمانة المسيحى بسبب نقدة للنص! هذا لان ببساطة الأيمان المسيحى مُستلم من الأباء وليس من النص، بل وهو الحاكم على سلامة وصلاح النص نفسة كما أسلفنا الذكر فى نقطة المعايير المستخدمة لتقنين كتب العهد الجديد.

Daniel Wallace: Did the Ancient Church Muzzle the Canon?



نقد النص النقدى!

سوف نقوم هنا بمراجعة بعض الفرضيات التي تعتبر اليوم من المسلمات بل البديهيات في علوم النقد النصى للانجيل لنكتشف ان هذا العلم يقوم على بعض الفرضيات التي لا أثبات لها! وهى كالاتى:

أولا، فرضية ان نص العهد الجديد قد كتب باليونانية ! وهي فرضية ضعيفة تنافسها اليوم فرضيات اصالة الآرامية و العبرية عن اليونانية و لاسباب سوف نذكرها..

ثانيا، فرضية أن السينائية والفيتكانية هما أقدم المخطوطات الكاملة للأنجيل! وهو ليس بصحيح للأسباب سوف نوضحها:

ثالثا، النص النقدى نفسة يعترف بسلطة أباء الكنيسة وانقيادهم بالروح القدس فى حالة تقنين كتب العهد الجديد ولكنة يينكر هذا فى حالة الجمع والترجمة للأباء (الفولغاتا والبشيطة مثلا) وهو فى حد ذاتة تضاد غير مبرر. راجع رد د. ويليم والاس احد اشهر اساتذة النقد النصي هلى سؤال: هل غيرت الكنيسة القديمة النص لصالحها ؟

ففى العقيدة المسيحية، الايمان او التسليم الرسولى وجد قبل النص كتقليد شفهى. وأن مستوى السلطة فى المسيحية يبدء من المصدر وهو المسيح ثم الي التلاميذ والرسل ومنهم الأيمان والنص مع احتفاظ الأيمان بمستوى اعلى من النص. وعلية لا تتأثر العقيدة أو الأيمان بالنص؛ والذى هو بالاساس مجموعة من شهدات العيان ورسائل تعاليم صالحة موجهه من للتلاميذ والرسل الى المؤمنين.

المصدر:

وعلية، التسليم الرسولى للايمان او التقليد الشفهى للكنيسة يمثل سلطة اعلى من سلطة النص.
المصدر: http://www.scripturecatholic.com/oral_tradition.html

وفى نقد الفرضية اصالة اليونانية على اللغة الآرامية و العبرية نقول..

1- أظهرت كتابات أبائية ان الكثير من كتب العهد الجديد قد كُتبت بالعبرية اولا. وهذا يشمل شهادات قدمها؛ بابياس، إيرينيئوس، يوسابيوسالقيصري، إبيفانيوس، وجيروم و إكليمندس الإسكندى.

المصدر: http://aramaicnttruth.org/downloads/outside/7_History.pdf

2- ذكر المؤرخ اليهودى البارز يوسيفاس كتب أن اللغة العبرية كانت اللغة الاولى ليهود القرن الاول وانهم لم يعرفوا اليونانية قط كلغة تعامل يومي أو لغة تدوين. ونذكر هنا ان كتاب العهد الجديد كانوا من المنتسبين للكنيسة الاولى فى أورشاليم من اليهود متوسطى الحال كبطرس الصياد ومتى العشار ولوقا الطبيب، ولم يكونوا من طبقة المثقفين كبولس مثلا. وعلية، كانوا كما كان معظم اليهود يتكلمون الأرامية فى تعاملاتهم اليومية مع الأمم بالأضافة للعبرية على أقصى تقدير كلغة قومية ودينية.

3-  مخطوطات البحر الميت تظهر وثائق "غير دينية" مكتوبة عن الأحداث المعاصرة لسنة 110 ق.م (أي انها ليس مجرد نسخ من النصوص دينية قديمة) مما يدل ان اللغة العبرية كانت اللغة الحية المستخدم فى الكتابة في ذاك الوقت.

4- سُكت النقود المعدنية اليهودية فى القرن الاول بالنص العبري.
5- تفسر فرضية أصالة الارامية والعبرية (وهي فرضية بديلة لفرضية اصالة اليونانية المُعتقد في صحتها حاليا) انتقال القديس جيروم من روما الى بيت لحم فى الشرق وأسفارة المتعددة لمصر. ويفسر أنكارة لوجود بعض النصوص الأنجيلية فى المخطوطات اليونانية القديمة ومع ذلك قد ضمنها فى الفولغاتا (أنظر مقدماته ومناقشتة مع اللاهوتين وعلماء اللغة حول ترجمتة)

وننقد فرضية أن السينائية و الفيتكانية هما أقدم المخطوطات الكاملة للأنجيل بالآتي..

1-  وجود "اللاتينية القديمة" والمستخدمة فى الكنائس الغربية قبل 350م وأقدم مخطوطات للاتينية القديمة كاملة تُعرف بـ Codex Vercellensis بتاريخ (350م)
وهنا قائمة بجميع مخطوطات للاتينية القديمة : http://iohannes.com/vetuslatina/mssummary.htm

2- وجود ترجمة الفولغاتا للقديس جيروم ويرجع تاريخ الفولغاتا 382م - 405م اي أقدم من مخطوطات السينائية والفتكانية (مؤرخين بعد 350م) - بالأضافة الى ميزة "موثوقية المصدر للفولغاتا"- فبالمقارنة، تصبح السينائية والفتيكانية مجهولتا السبب والنسب والمصدر اي "مخطوطات لقيطة" نسبيا بالمقارنة مع التاريخ الواضح للفولغاتا. وأقدم مخطوطة للفولغتا تُعرف بـ Codex Amiatinus من القرن الثامن (716م)

قائمة بجميع المخطوطات باللغة اللاتينية للعهد الجديد  : 

3-  وجود الترجمة الأشورية؛ وهى ترجمة من الأصل بعيدة عن الترجمات الغربية، والتى فى صفحاتها الأولى أدعاء أنها تمت بعد موت الامبراطور نيرون بمائة عام أى فى 164م و أقدم مخطوطات الترجمة الآشورية تُعرف بـ Khaboris Codex وتعود الى أوائل القرن الرابع، وهى نسخة كاملة للعهد الجديد حسب الكنائس الشرقية (السريانية)

نص الآشورية القديمة : http://www.aramaicpeshitta.com/AramaicNTtools/khabouris.htm

4- الترجمة "البشيطة" او "البسيطة" المستخدمة فى الكنائس الشرقية؛ وهى ترجمة من الأصل. وأقدم مخطوطات البشيطة كامله تُعرف بـ Codex Phillipps 1388  من القرن الخامس

نص البشيطة السريانية بالكامل:  http://madenkha.net/holy_bible/NT/

5- مخطوطات الانجيل القبطية والمعروفة بـ Bodmer Papyri والتى يرجع تاريخ اقدم بردية فيها الى أوائل القرن الرابع وهى مخطوطات تدعم عائلة المخطوطات البيزنطية والمخطوطة الوشنطية.

6- البردية رقم خمسة واربعين (250م) وهى بردية لانجيل مرقص تدعم عائلة المخطوطات البيزنطية والمخطوطة الوشنطية

7-  وجود لإنجيل الرباعي أو دياتسارون (160 – 175 م) وهو أهم جمع توفيقي للأناجيل الاربعة حيث دمج فيه الناسخ واللاهوتي الأشوري تاتيان (120 – 180 م) أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا في رواية واحدة. فاتبع تاتيان نص الأناجيل بدقة لكنه وضعه في جملة جديدة مختلفة، ومثل غيره من التوفيقات فإن الإنجيل الرباعي يحل العبارات المتناقضة، ويحذف النصوص المكررة خاصة في الأناجيل، ومثال ذلك حذف شجرتي النسب الموجودتين في متى ولوقا. ومن أجل وضع كل روايات الأناجيل القانونية صنع تاتيان ترتيب خاصة يختلف عن ترتيب الأناجيل السنوبتية وترتيب يوحنا.  وحجم إنجيل الدياتسارون 72% من الحجم الكلي للأناجيل الأربعة

كان الإنجيل الرباعي النص المعياري المقبول لدى الكنائس السريانية لمدة قرنين، واستشهد به الكتاب السوريون وأشاروا إليه. فقد كتب أفرام السوري تعليقا عليه أعيد اكتشافه في 1957 عندما حصل "تشستر بيتي" على مخطوطة من دير قبطي هو دير السرياني في وادي النطرون في مصر واكتشف أن المخطوطة تحوي تعليق أفرام ولكنها ناقصة. ومع ظهور مخطوطات أخرى في أوروبا أصبح 80% تقريبا من الأصل السرياني موجودا. واقتباس أفرام للإنجيل الرباعي (رغم أنه لا يقتبسه كله) يقدم لأول مرة شاهدا مستقلا على نص تاتيان الأصلي ويؤكد المحتوى والترتيب.

نسخة الالكترونية للدياتسارون مترجم للغة العربية بقلم ابن الطيب فى القرن الحادي عشر: 

وهناك تساؤلات عدة عن سبب اختفاء هذا الإنجيل المهم والذي كان الإنجيل المعياري لمدة قرنين للسريان! فحدث ان أسقف مدينة حورس في سوريا الكبرى سنة 423 قد شك أن تاتيان كان من الهراطقة فأمر بجمع كل النسخ أي أكثر من مئتي نسخة من الإنجيل الرباعي وتخلص منها وأحل محلها الأناجيل الأربعة المعروفة الان لدينا. كما حلت الأناجيل الأربعة محل نسخة البشيطة التي تأثر نصها السرياني بقراءات الإنجيل الرباعي. ومع الوقت ومن وقت هذا الحدث اكتسب الانجيل الرباعي الدياتسارون لتايتان سمعة أنه إنجيل هرطقة.

واقدم مخطوطة للدياتسارون الـ Codex Fuldensis من القرن السادس

8-  المخطوطة الواشنطية للأنجيل (400م) والتى تدعم عائلة المخطوطات البيزنطية (النص المُستلم)

9- ويدعم هذا الطرح  قائمة المخطوطات التى تدعم العائلة السكندرية (السنائية والفتيكانية أبرزهم)

نص المخطوطة السكندرية: http://www.csntm.org/Manuscripts/ManuscriptViewPage.aspx?id=203


وقائمة المخطوطات التى تدعم العائلة البيزنطية (انجيل الأسكندرنية والواشنطنية والأفرايمية أبرزهم) بالأضافة الى البشيطة و الاتينية القديمة. وهى العائلة المصدر للترجمات بين أيدينا اليوم.
http://en.wikipedia.org/wiki/Byzantine_text-type#Notable_Byzantine_manuscripts

0 comments:

بحث عن يهوه ج3 : في سومر والأكادية والكلدانية وبابل واشور و كنعان

7/19/2015 06:58:00 ص 0 Comments


أولا: كنعان

ما هى معتقدات الكنعانين؟

الاجابة فرصة لإلقاء نظرة على معتقدات بنى كنعان من مصادرهم والتى اكتشفها علماء الاثار والحفريات وخصوصا فى حفريات منطقة أوغاريت بسوريا. فالمعتقدات في أوغاريت او الديانة الأوغاريتية هي امتداد للديانة الكنعانية في سورية كما تبين الأساطير الميثولوجية الواردة في النصوص الدينية والملاحم ونصوص الشعائر والعبادات، وكذلك تدل المعابد في المدينة عن المعتقدات السائدة انذاك وهناك عدة معابد أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)، بينهما بيت الكاهن الأكبر، معبد الإله إل (ءل - ءيل - إيل)، (بيت إيل) وربما معبد الإله دجن (داجان، داجون) معه، في الجهة الجنوبية الشرقية والذي يرجح تاريخ بناؤه بـ 2000 ق.م، ومعبد الإله بعل (بيت بعل) في الجهة الشمالية الغربية وهو أحدث في حوالي 1400 ق.م وكان للمعتقدات تقوسها وشعائرها.

تعتمد ميثولوجيا ومعتقدات بلاد كنعان قديما على بعض الملاحم لالهة قديمة تمثل قوى الطبيعة كالاله يمّ اله البحر وناهار اله النهر واله موت اله الموت والاله بعل اله الارض والخصوبة والاله حداد اله العواصف واخيرا وليس آخرا ايل رئيس الاله، ومن حسن حظى ان اللغة العربية كلغة شرقية تنتمى للغات السامية القديمة والتى تحمل نفس المعانى تقريبا.

واليكم مثل فى اسطورة البعل الكنعانية والتى تقول ان الاله يمّ Yam اله البحر حاول حكم جميع الاله ولكن الاله بعل Baal اله الارض رفض وقاوم واجتمع بكل الالهه فى محضر الاله ايل Elرئيس مجمع الالهه واقنعهم بانه مستحقا لقصر فخم ليحكم منه لانه الاقوى، فيستعمل الاله يمّ اله البحر الاله موت Mot اله لموت لقتل بعل، ولكن تاتى الالهه انات ِAnat (مؤنث) زوجة الاله ايل وتحى بعل مره اخرى ليقاتل يمّ ويقتلة؛ ليعلن فى النهاية الاله بعل اله الارض والخصوبة ملكه على كل الألهه الموجودة.

نعم، كان ايل واحد من الهة كنعان بل هو رئيس مجمع الالهه كما هو فى اسطورة البعل المكتشفة فى اغوريت ولكن تطور استخدام هذا الاسم ليصبح معبرا عن ما نعرفه اليوم بكلمة "الله" أو اله السماء فنجد فى مزمور 81 لاساف العدد 10 لا يكن فيك إله " إيل " غريب - לא יהיה בך אל זר وفى اول المزمور 82 يقول: اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ (الوهيم). فِي وَسْطِ الآلِهَةِ يَقْضِي. ويقول فى استعمالات اخرى لكلمة ايل : "وهو (هارون) يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فما وأنت تكون له إلها" (خروج 7) "فقال الرب لموسى انظر. أنا جعلتك إلهاً لفرعون. وهارون أخوك يكون نبيك" (تكوين 32) وفى نفس السفر " فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال اطلقني لأنه قد طلع الفجر ، فقال لا أطلقك إن لم تباركني. فقال له ما اسمك فقال يعقوب فقال له لا يدعي اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت وسأل يعقوب وقال أخبرني باسمك فقال لما ذا تسأل عن إسمي وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل. قائلا لأني نظرت الله وجهاً لوجهٍ ونجيت نفسي"

ولكن من اين اصل كلمة ايل ؟

بابل واشور والكلدانيين

نبدء من مكتبة الملك آشوربانيبال (668-626ق.م) وهو من أكثر ملوك العهد الآشوري ثقافة. فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب قومية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى بالعراق. وجمع فيها كل الألواح الطينية التي دونت فوقها العلوم والمعارف والحضارة العراقية القديمة. وكان البابليون والسومريون والآشوريون بالعراق يصنعون من عجينة الصلصال (مسحوق الكاولين) ألواحهم الطينية الشهيرة التي كانوا يكتبون عليها بآلة مدببة من البوص بلغتهم السومرية. فيخدشون بها اللوح وهو لين. بعدها تحرق هذه الألواح لتتصلب.

وبما اننا نعرف ان الحضارة السومارية اول الحضارات الكاتبة فبالتالى نقدر ان نتتبع تطور المعتقدات البشرية من سومر العراقية جنوبا حتى نصل الى اوغاريت السورية شمالا مرورا بالاكادين والبابليين والاشورين والكلدانيين وحتى بلاد كنعان.

فاهمية مكتبة آشوربانيبال تاتى من اهمية النصوص المكتشفه فيها واهمهم ملحمة جلجامش لاحتوائها قصة تشبة فى تركيبها الادبى واحداثها قصة طوفان نوح، واود ان اشير هنا ان القصة جزء من ملحمة من العشرات بل مئات قصص الملاحم المكتشفة التى تروى بطولات ومغامرات ال 2100 اله فى ديانات بلاد مابين النهريين.

وجلجامش حسب الملحمة هو ملك مدينة أور العراقية (مدينة ابونا ابراهيم الاصلية) وكان يبحث عن الخلود فقالت له الالهة (أيا تحديدا) ان سر الخلود تجدة عن اوتنَپیشتیم، وهو الراجل الوحيد الناجى من الطوفان العظيم فمنحته الالهة الخلود، وعند ذهاب جلجامش لهذا الرجل، سرد علية اوتنَپیشتیم قصة نجاته من الطوفان وهى قصة مشابهه فعلا الى حد كبير قصة ابونا نوح وليس فقط فى احداثها بل فى تركيبها اللغوى. وسواء كانت هى مصدر القصة فى التوراة او العكس، فأننا نؤمن ان الطوفان قد حدث بالفعل وقد يكون سجل بواسطة حضارات وشعوب اخرى. اما عن التركيب اللغوى فربما يكون نص الحادثة هو فى محتوى نصوص ابراهيمية ورثها موسى النبى أو انه اقتباس لاسلوب ادبى ليس اكثر.


وفى مُكتشف آخر من مكتبة آشوربانيبال، تدعى الكاتبة كارين ارمسترونج فى كتابها "تاريخ لله" وجود تشابه بين قصة الخلق البابلية ( إنوما إليش ) وقصة الخلق فى الكتاب المقدس، وبين برج مردوخ اله الشمس وبين برج بابل فى سقر التكوين، وهو ما لم المسه عند قرائتى للنص البابلى، وهو بطبيعة الحال نص متاخر زمنيا عن نص الكتاب المقدس ويتعلق فى مجملة بتعظيم الاله مردوخ اله الشمس عن باقى الالهة.

وتقول قصة الخلق البابلية ان العالم قد انشئ بواسطة ثلاثة الهه صعدوا من القفار البدائية فى بلاد مابين النهرين وهم : ابسو اله الانهار و تيمات الهة البحار وممو اله الضباب فصنعوا الهه توائم منبثقة منهم تمثل مراحل الخلق الستة حتى نصل للالهين "آنو" اله السماء والاله "أيا" الهة الارض. وفى ثورة الالهه الصغيرة بقيادة الاله "أيا" ضد الالهه الكبيرة، تستطيع أيا قتل ابسو وممو ولكنها تفشل فى قتل تيمات (انثى) والتى بدورها تصنع الهه كثيرة ضد أيا، فأنجبت الالهة "أيا" الاله مردوخ اله الشمس ليقاتل تيمات الهة  البحار، وبعد قتال عنيف يستطيع مردوخ قتل تيمات، فيقف الاله مردوخ على جثة تيمات  ويقرر ان يصنع عالم جديد فيقسم جثتها نصفين ليخلق السماء والارض ثم يصنع نواميس وقوانين الكون. ولكن لا تنتهى الملحمة هنا، بل يأسر مردوخ الاله كنجو اقوى الهة تيمات ليشكل منه الانسان بخلط دم الالهه المهزومة بتراب الارض، وتقف الالهه الاخرى تشاهد فى حيرة واستعجاب مردوخ وهو يخلق الانسان، وفى النهاية  يصنع الاله مردوخ برجا له فى بابل لتعظيمه. ومن المحتمل ان يكون البابلين شرعوا فعلا فى بناء برج مردوخ تخليدا لذكرى ملحمتة، وخصوصا ان بناء مثل هذة الابراج كان منتشرا فى بابل وتعرف بالزقورة وجمعها الزقّورات (الأهرام الرافديه) وهي عباره عن معابد مدرجة، ومن المحتمل ان يكون برج مردوخ هو هو برج بابل المذكور فى سفر التكوين.

سومر والأكاديين

تطلق سومر على الأراضي التي أطلق عليها بعد 2000 ق.م. اسم بلاد بابل. وسهل بلاد شنعار هو أراضي ما بين النهرين، التوأمين، دجلة والفرات. وقد أطلق الإغريق على هذه الأرض اسم (ميزوبوتاميا)، وهي كلمة تعني بلاد ما بين النهرين. ويشكل أغلبها اليوم جزءاً من دولة العراق الحديثة، برغم أن الفرات يرتفع من سوريا، ودجلة في تركيا.

إجتاحها الملك السامي سرجون الأول 2335 - 2279 ق.م. ومعنى اسمه الملك الثابت أو الصادق وأسس عاصمة جديدة سماها آجادة بأقصى شمال بلاد سومر. وكانت أيامه أقوى وأغنى مدينة في العالم وقتها. واندمج الغزاة وأهل شمال يلاد سومر وانصهروا مكونين شعب آجديون أو آكديون.

وفى حفرياتها وجدنا صحيفة الملك: وهي احدى أكثر الاثار العالمية غرابة، وهي عباره عن صحيفة حجرية منقوش عليها أخبار الأرض على مدى الاف السنين التى سبقت السومريين.هذه الصحيفة تذكر بالصحف المحفوظة في خزائن الملك والتي لايصل إليها يد التحريف والمعلومات التي فيها تشير إلى ان السومريين كانوا يقسمون التاريخ إلى قسمين، ماقبل الطوفان وما بعد الطوفان.

ومن الهة سومر:

 آنو اله السماء، ان ليل (ان عيل) ، أو السيد العالى، اله الهواء. وهو الوحيد الذى يقدر ان يرتفع ليكلم الاله آنو اله السماء فى علاه، ويُعتقد أن ليل او عيل هو اصل كلمة إيل التى تطورت فى اللغات السامية الى الوهيم و اللوه ثم الله (ان فى اللغة سومارية هى بادءه تعنى السيد)

 ان كى اله الارض و الذى تطور لأيا فى الديانة الاكادية البابلية، أوتو اله الشمس،  آنانا الهة الخصوبة والتى تطورت الى افروديت عند اليونانين، واله القمر سن.

 وللقراءة اكثر:
http://en.wikipedia.org/wiki/Sumerian_religion
http://en.wikipedia.org/wiki/Mesopotamian_mythology
http://en.wikipedia.org/wiki/Pantheon_%28gods%29

التلخيص |  اسماء الله الاساسيه في العبرية هى:

1 – יהוה "يهوة " والذى يعنى انه خالق كل شيئ.

2 – אדוני " ادوناى " سيدى الرب.

3 – אל الرب " ايل " وهو مشهور جدا فى الاسماء والاعلام كاطلاقها على اسم " اسرائيل – ارئيل - ميكائيل .... وغيرها من الاسماء ويرجع اصلها الى אלוה و אלוהים " الوهيم " ومعناها اى صاحب كل القوى الموجودة فى العالم " ويمثل القانون الالهى و بعض الباحثين يقول انها " اللهم – العربيه " .

4- אהיה , שדי شداى , ويتمثل هذا الاله فى الطبيعه وفى الحرب – الاله الحربى والعسكرى لشعب اسرائيل , ويرجع هذا ايضا الى انه خالق كل جيوش العالم " ونعنى بذلك ايضا جيش السماء ( الشمس والقمر والنجوم وغيرها ) وجيش البحر ( البحر ذاته وكل شيئ موجود بالبحر ) وجيش اليابسه ( اى كل شيئ على وجه الارض ) وهذا ما يميز عظم وقوة الرب .

5 – השם " هَشيم " الله , الاسم , وهى اختصار ل הקדוש ברוך הוא اى الرب المقدس المبارك .

6 – ومن التعبيرات المشهورة ايضاً اسم " אל העליון الاله القادر , אלוהי האלוהים اله الالهه , وذلك لنسبة قدرته على كل شيئ .

7 - מלך מלכי המלכים ملك الملك , מלך העולם " ميلخ هاعولام " اى ملك العالم " , המלך הקדוש " هاميلخ هقادوش " اى الملك المقدس " , ריבונו של עולם (אדונו של העולם), ריבון העולמים
" سيد العالم " وتدل كل هذة الاسماء على ان الله هو الذى يدير كل هذا العالم وبيديه الملك والسيادة .

8 - הבורא או הבורא יתברך שמו " اى الخالق او الخالق المبارك اسمه " ويدل هذا الاسم على ان الله قد خلق هذا العالم بارادته وعزمه .

9 - מגן אבות حامى الاباء , ويدل على انه اله الاباء والاجداد والمدافع عنهم وحاميهم .

10 - מי שאמר והיה העולם , من قال " كن " وكان العالم " , חי וקיים الحى القيوم , אבינו מלכנו ابينا الملك , שוכן מרומים, יושב הכרובים, צור ישראל – وتدل كل هذة المعانى على انه قوة اسرائيل .

11 - הכול יכול القادر على كل شيئ , ويدل هذا الاسم على قدرته اللانهائيه والغير محدودة .

12 – המקום اى المكان , وربما يعود هذا الاسم بالتذكير بمكان خراب الهيكل او انه موجود فى كل مكان .

0 comments:

بحث عن يهوه ج2 : شبهات حول التوراه

7/19/2015 06:45:00 ص 0 Comments

شبهات حول "يهوة" فى التوراه

ثُمَّ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: "أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ."




وعلى اساس هذا النص يعتبر الكثيرين اسم يهوه دخيل على الديانة اليهودية وان ابراهيم واسحاق ويعقوب لم يعرفوا يهوه قط، ولكن المتفحص للمعنى يجد ان كلمة " أُعْرَفْ" لها دلاله لغوية اعمق من مجرد المعرفة السطحية بل المقصود بيها المعرفة الاختبارية.

وهنا يجب أن نلقى الضوء على أحد المفاتيح الهامة فى فهم هذا النص بطريقة صحيحة يقدمها لنا جيرهارد فوس قائلاً:"إن موسى لا يمكن أن يكون قد أُرسِل إلى اخوته ليدعوهم  إلى اله آبائهم الذى نسوه، وها هو يقدم لهم اسماً جديداً لذلك الإله". وهذه الملاحظة منطقية جداً، فلا يمكن أن يطلب موسى اسم الله الذى سيخبر الشعب بأنه ارسله ثم يعطيه الله اسماً جديداً لا يعرفه الشعب اصلاً. ذلك لأن أى دلالة أو علامة فى ذلك يقدمها للشعب؟ لذلك فإننا لا نستطيع منطقياً أن نفترض عدم معرفة الشعب بهذا الاسم مسبقاً. واليكم دراسة علمية كاملة عن معنى الدلالى والسياقى لهذة الاية هنا:

وبناءً على هذا العدد الأخير تم بناء ما يُعرف بـ " الفرضية الوثائقية " بشكل كامل والمعروفة فى الأدبيات العربية بـ "نظرية المصادر". وهى فرضية تم تطويرها بشكل كبير على يد المستشرق الألمانى يوليوس فيلهاوزن فى القرن التاسع عشر. دعاها "فرضية" لأنه لا يوجد أى ادلة حسية، أى وثائقية، تدعمها أو تثبتها. والهدف من هذه الفرضية هو محاولة تفسير بعض الظواهر الأدبية الموجودة فى اسفار الشريعة، مثل الإستخدامات المختلفة للأسماء الإلهية (يهوه، الوهيم)، التكرارات و التناقضات. فأفترض فيلهاوزن أن اسفار الشريعة فى حقيقتها ليست من تأليف كاتب واحد، موسى أو غيره، بل قال أنها عبارة عن مجموعة من الوثائق التى تم تحريرها ودمجها معاً فى شكل كتاب واحد. وهذه التكرارات والتناقضات هى الأثر الذى تركه المحرر خلفه. غير أن الأساس التاريخى الذى بُنيت عليه النظرية هو الإعلان الإلهى الذى قدمه الله عن اسمه لموسى فى (خر 6 : 3). ففى هذا العدد نقرأ أن الله أعلن عن اسمه "يهوه" لموسى، والقراءة السريعة  لهذا العدد قد تجعلنا نصل إلى أن هذا الإسم لم يُعلن عنه قبل ذلك، رغم أنه كان  معروف بالفعل!

ففى الواقع، لم يكن موسى أول من يعرف الإسم "يهوه". نرى فى سفر التكوين امثلة عديدة ومتباينة عُرِف فيها الاسم يهوه. فبحسب النص العبرى القياسى للعهد القديم، جاء الإسم "يهوه" فى سفر التكوين 162 مرة، فى نحو 34 مرة جاء على فم شخصيات، وفى كثير من هذه المرات يقومون بتوجيه خطاباً مباشراً لله، منادين اياه "يهوه". ففى عصور الآباء الذين سبقوا موسى، نرى أنه بدايةً من عصر "آنوش" يقول الكتاب "حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ" אָז הוּחַ֔ל לִקְרֹ֖א בְּשֵׁ֥ם יְהוָה (تك 4 : 26). ورغم أن هذا النص لا يعنى بالضرورة أنهم بدأوا فى عبادة الله باسمه "يهوه" منذ ذلك العصر، ونلاحظ أن الكثيرين استخدموا اسم "يهوه"، مثل: حواء ولدت قايين وقالت:"اقْتَنَيْتُ رَجُلا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ"
 קָנִ֥יתִי אִ֖ישׁ אֶת־יְהוָֽה (تك 4 : 1).

لامك حينما ولد نوح قال عنه:"هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ"
 זֶ֞֠ה יְנַחֲמֵ֤נוּ מִֽמַּעֲשֵׂ֙נוּ֙ וּמֵעִצְּב֣וֹן יָדֵ֔ינוּ מִן־הָ֣אֲדָמָ֔ה אֲשֶׁ֥ר אֵֽרְרָ֖הּ יְהוָֽה (تك 5 : 29).

نوح وهو يبارك ابنه سام قال:" مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ"
 בָּר֥וּךְ יְהֹוָ֖ה אֱלֹ֣הֵי שֵׁ֑ם וִיהִ֥י כְנַ֖עַן עֶ֥בֶד לָֽמוֹ (تك 9 : 26).

ابراهيم وهو يرفض أن يأخذ عطايا ملك سدوم قال:"رَفَعْت يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ والأَرْضِ"
 הֲרִימֹ֙תִי יָדִ֤י אֶל־יְהוָה֙ אֵ֣ל עֶלְי֔וֹן קֹנֵ֖ה שָׁמַ֥יִם וָאָֽרֶץ (تك 14 : 22).

بل فى حادثتين فريدتين فى سفر التكوين، يخاطب الله افراد معرفاً نفسه بأنه "يهوه"، وهم:
ابراهيم حينما كان يخاطبه الله ليقطع معه العهد، كلمه الله قائلاً:" أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا" אֲנִ֣י יְהוָ֗ה אֲשֶׁ֤ר הוֹצֵאתִ֙יךָ֙ מֵא֣וּר כַּשְׂדִּ֔ים לָ֧תֶת לְךָ֛ אֶת־הָאָ֥רֶץ הַזֹּ֖את לְרִשְׁתָּֽהּ (تك 15 : 7). ففى هذا العدد قام الله بتعريف نفسه باسم "يهوه" فى خطاب مباشر منه لإبراهيم.

يعقوب وهو فى طريقه إلى حاران هارباً من وجه اخيه عيسو، فى المكان الذى كلمه الله فى حلم ودعاه بيت ايل، يقول الله مخاطباً يعقوب:" أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ"
רָהָ֣ם אָבִ֔יךָ וֵאלֹהֵ֖י יִצְחָ֑ק הָאָ֗רֶץ אֲשֶׁ֤ר אַתָּה֙ שֹׁכֵ֣ב עָלֶ֔יהָ לְךָ֥ אֶתְּנֶ֖נָּה וּלְזַרְעֶֽךָ (تك 28 : 13).

لتفسير الذى يقول بأن اسم "يهوه" فعلاً لم يكن معروفاً لدى الآباء سابقاً يتجاهل الكثير من الأدلة والحقائق المتوفرة. فهو يتجاهل معنى الفعل "عرف" فى العبرية، كما أنه يفترض بصورة تخمينية أن موسى قام بتحرير اسماء الله فى التكوين، دون أن يقدم أدلة على ذلك، ولا أن يشرح أو يفسر السبب الذى لأجله سيغير موسى اسم الله للأسم "يهوه". لذلك يُعتقد أن الرأى الأكثر صحة وصواباً هو الذى جادل له منذ البداية، وهو أن الله قد أعلن عن اسمه "يهوه" كثيراً للآباء، ولكنه الآن يقول للشعب أنهم سوف يختبروا هذا الجانب من شخصية الله الذى يعبر عنه الاسم "يهوه"، وهو انه سيتمم عهده مع آبائهم الآن. كما قال جون كولينز:"إن هذا المقطع يذهب اكثر ليربط بين اعلان الاسم والوعد بالتحرير من العبودية فى مصر ... فالإسرائيليين لن يعودوا يخدموا المصريين فيما بعد بل بدلاً من ذلك سيخدموا يهوه". والسبب وراء هذه القناعة هو أن هذا التفسير يفسر كافة الأدلة والبيانات والحقائق المتوفرة فى هذه الحالة، كما أنه منطقى جداً، ويتوافق مع الشكل العام للإستخدام الكتابى للمعرفة.

إلوهيم : كلمة عبرية لوصف الإله أو الآلهة، وهي متعلقة بكلمة إل (إله) السامية مع أنها تعتبر مشتقة من كلمة الوَه مع صيغة الجمع. للكلمة أحيانا ضمير مفرد في العبرية لذا تعتبر اسما مفردا كما في سفر التكوين وتفهم إلوهيم عادة على أنها تشير لإله إسرائيل الواحد. واذا اضيفت لضمير جمع تتصرف الكلمة كجمع كما هو فى حالات محدودة فى العهد القديم للأشارة لآلهة متعددة.

إل والبعل!.. القصة من التوراة

وَلَمَّا رَأَى أَخْآبُ إِيلِيَّا قَالَ لَهُ أَخْآبُ: «أَأَنْتَ هُوَ مُكَدِّرُ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ: «لَمْ أُكَدِّرْ إِسْرَائِيلَ، بَلْ أَنْتَ وَبَيْتُ أَبِيكَ بِتَرْكِكُمْ وَصَايَا الرَّبِّ وَبِسَيْرِكَ وَرَاءَ الْبَعْلِيمِ. فَالآنَ أَرْسِلْ وَاجْمَعْ إِلَيَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ، وَأَنْبِيَاءَ الْبَعْلِ أَرْبَعَ الْمِئَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَأَنْبِيَاءَ السَّوَارِي أَرْبَعَ الْمِئَةِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ عَلَى مَائِدَةِ إِيزَابَلَ». فَأَرْسَلَ أَخْآبُ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَجَمَعَ الأَنْبِيَاءَ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ. فَتَقَدَّمَ إِيلِيَّا إِلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ وَقَالَ: «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ». فَلَمْ يُجِبْهُ الشَّعْبُ بِكَلِمَةٍ. ثُمَّ قَالَ إِيلِيَّا لِلشَّعْبِ: «أَنَا بَقِيتُ نَبِيًّا لِلرَّبِّ وَحْدِي، وَأَنْبِيَاءُ الْبَعْلِ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ رَجُلاً. فَلْيُعْطُونَا ثَوْرَيْنِ، فَيَخْتَارُوا لأَنْفُسِهِمْ ثَوْرًا وَاحِدًا وَيُقَطِّعُوهُ وَيَضَعُوهُ عَلَى الْحَطَبِ، وَلكِنْ لاَ يَضَعُوا نَارًا. وَأَنَا أُقَرِّبُ الثَّوْرَ الآخَرَ وَأَجْعَلُهُ عَلَى الْحَطَبِ، وَلكِنْ لاَ أَضَعُ نَارًا. ثُمَّ   تَدْعُونَ بِاسْمِ آلِهَتِكُمْ وَأَنَا أَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ. وَالإِلهُ الَّذِي يُجِيبُ بِنَارٍ فَهُوَ اللهُ». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالُوا: «الْكَلاَمُ حَسَنٌ»
..
وَقَالَ إِيلِيَّا لأَخْآبَ: «اصْعَدْ كُلْ وَاشْرَبْ، لأَنَّهُ حِسُّ دَوِيِّ مَطَرٍ». فَصَعِدَ أَخْآبُ لِيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ، وَأَمَّا إِيلِيَّا فَصَعِدَ إِلَى رَأْسِ الْكَرْمَلِ وَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ وَجْهَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: «اصْعَدْ تَطَلَّعْ نَحْوَ الْبَحْرِ». فَصَعِدَ وَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ». فَقَالَ: «ارْجعْ» سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَفِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ قَالَ: «هُوَذَا غَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ كَفِّ إِنْسَانٍ صَاعِدَةٌ مِنَ الْبَحْرِ». فَقَالَ: «اصْعَدْ قُلْ لأَخْآبَ: اشْدُدْ وَانْزِلْ لِئَلاَّ يَمْنَعَكَ الْمَطَرُ».

كان هذا المشهد بين النبى ايليا وانبياء البعل جزء من الصراع الدائر بين اله اليهود واله الكنعانين على مدار العهد القديم منذ ان صنع اليهود العجل بعل تحت جبل سيناء ايام النبى موسى.

وكان الاله بعل اله الارض والخصوبة قديما وكان يلجئ له اليهود فى ايام الرخاء لاقتناعهم ان يهوه هو اله الحرب والجنود وليس له مكان فى ايام الرخاء والخصوبة وهو ما يفسر نزول المطر فى نهاية قصة إِيلِيَّا وكهنة البعل كاشارة معجزية للملك اخاب فيما معناه ان انا يهوه اله الحرب والجند والسماء والخير وليس غيرى.

ومن العجيب هنا تعصب الملكة ايزابل لآلهتها واجبار زوجها الملك اليهودى اخاب وشعبة على عبادتهم، فبالنسبة للوثنين كان كل المطلوب هو مكان اضافى للاله الجديد فى مُجمَع الهتهم، فهم بالاساس غير موحدين، وكان من الممكن ان تقبل ايزابل بعبادة يهوه بجانب البعل بدون تعصب ولا مشاكل لاخاب كزوجات سليمان الكنعانيات، وهذا مالم يحدث. فمن الوضح انه كان اعلان سيطرة ونفوذ على الشعب اليهودى من قبل ايزابل الكنعانية باجبار الكل على عبادة بعل اله كنعان.

0 comments:

متي ولد المسيح ؟

7/12/2015 11:01:00 م 0 Comments


قبل التقويم الغريغوري الميلادى كان يستخدم التقويم اليولياني الرومى وهو تقويم فرضه يوليوس قيصر في سنة 46 ق.م. فحدث أن لما احتلت الإمبراطورية الرومانية مصر استفاد الرومان من علوم المصريين الفراعنة الفلكية، فقام يوليوس قيصر بتعديل التقويم الروماني القديم بالاستعانة بأحد الفلكيين الإسكندريين يدعى سوسيجنيو، وقد تمثل تعديله في جعل السنة العادية 365 يوما والكبيسة 366 يوما. ودخل التقويم اليولياني حيز التنفيذ في سنة 45ق.م الموافق لسنة 709 لأنشاء روما.

وقد بدأ وضع التقويم المسيحي رئيس دير يدعى ديونيسيوس اكسيجُؤس. ويذكر هنا انه قد كان عدد السنين في التقويم اليولياني مبني على التقويم الروماني القديم الذي يعتبر سنة إنشاء مدينة روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية بداية للتاريخ وهو سنة 754 ق.م فدعا الراهب الأرمني ديونيسيوس اكسيجونوس في منتصف القرن السادس إلى وجوب أن يكون ميلاد المسيح هو بداية التقويم ونجح هذا الراهب في دعوته فأصبح عد السنين منذ سنة 532 م يعتمد على سنة ميلاد المسيح، وهي سنة 754 منذ تأسيس روما على حساب ديونيسيوس.

ونفهم من المقدمة ان تم استخدام هذا التقويم بعد اكثر من 500 عام من حادثة ميلاد المسيح علي سبيل التعظيم وهو ما افتقد لبعض الدقة حسب علامات الزمن المذكورة فى الانجيل عن مولده الكريم.

سنة ميلاد المسيح: الدليل الأول من شهادة معلمنا متى

ليس من السهل أن نصل إلى معرفة تاريخ ميلاد المسيح، إلا أن ما ذكره المؤرخ يوسيفوس (وهو اقرب المؤرخين اليهود المعاصرين) يُظهِر أن هيرودوس الكبير والذى ولد فى عهدة المسيح حسب شهادة معلمنا متى (مت 2)، قد مات على الأرجح قبل سنة 754 لتأسيس روما (754 يولياني = 1 ميلادى)،  ولذلك فالحوادث التي جرت بعد مولد المسيح وقبل موت هيرودس ينبغي أن توضع في تاريخ سابق للسنة الاولى ميلاديا حسب التقويم الغريغوري الحالى او المتعارف علية CE: Common Era.

فتقول الموسوعة الكاثلوكية:

The death of Herod is important in its relation to the birth of Christ. The eclipse mentioned by Josephus(Ant., XVII, vi, 4), who also gives the length of Herod's reign — thirty-seven years from the time he was appointed by the Romans, 40 B.C.; or thirty-four from the death of Antigonus, 37 B.C. (Ant., XVII, viii, 1)-- fixes the death of Herod in the spring of 750 A. U. C., or 4 B.C. Christ was born before Herod's death (Matthew 2:1), but how long before is uncertain: the possible dates lie between 746 and 750 A. U. C. (see a summary of opinions and reasons in Gigot, "Outlines of N. T. Hist.", 42, 43).

نذكر هنا شهادة معلمنا متى: وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ  قَائِلِينَ:«أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ:«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» فَقَالُوا لَهُ:«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ:«اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ. وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل:«مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني». حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ». فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ قَائِلاً:«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ:«إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»

إذن فميلاد المسيح تمّ إما في أواخر سنة 5 ق.م أو في أوائل سنة 4 ق.م. ونعم، الإجابة التي لم نكن نتوقعها، هي أن السيد المسيح قد ولد قبل سنة الميلاد المتعارف عليها!  أي طبقًا للناحية التأريخ أو التقويم الغريغوري المُستَخدَم حاليًا، وليس من الناحية الفعلية بالطبع.

المصادر:  

سنة ميلاد المسيح: الدليل الثانى من شهادة معلمنا لوقا


وقد حدث واعطانا معلمنا لوقا فى شهادتة علامة زمن أخرى، وهى كالاتى: وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ.

1- نعرف من التاريخ أن اغسطس قيصر قد كان يقوم بتعداد كل عشرين سنة تقريبا (28ق.م - 8 ق.م - 14م) من اجل الضرائب والمجهود الحربى، وكانت نتيجة هذة التعدادات السكانية المسكونية كالاتى:
* فى 28 ق.م كان عدد السكان 4,063,000 نسمة تشمل الرجال والنساء.
* فى 8 ق.م كان عدد السكان  4,233,000 نسمة تشمل الرجال والنساء.
* فى 14 م كان عدد السكان 4,937,000 نسمة تشمل الرجال والنساء.


2- ونعرف أيضا أن كِيرِينِيُوسُ قد أجرى تعداد "أقليمى" أى بدون أمر قيصري فى 6 م بعد ان اصبح الحاكم الرسمى لليهودية؛ ولكن هذا التعداد الاقليمى ليس هو التعداد المسكونى المقصود فى شهادة معلمنا لوقا والذى كان بامر القيصر كما جاء فى النص: وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ.

ويُذكر أن هذا التعداد بواسطة كِيرِينِيُوسُ هو التعداد المذكور فى أعمال الرسل 5 : 37، والذى ذكره يوسفاس المؤرخ اليهودى المعاصر، وهذا التعداد قد ادى الى أندلاع ثورة يهودية بقيادة يهوذا الجليلى وصُلب حينئذ حوالى 2000 رجل من الثوار اليهود عقابا على تمردهم. وسنوضح هذة النقطة بالتفصيل لاحقا.

المصدر:

الأستنتاج: لوقا شهد أن مولد المسيح تم فى عهد التعداد المسكونى سنة 8 ق.م. وبناءاً علية، تاريخ ميلاد المسيح يكون بين هذا التاريخ (8ق.م) و تاريخ موت هيرودس الكبير (4ق.م) حيث أننا لا نعرف تحديدا كم من الوقت قد يستغرق التعداد المسكونى الواحد.
======

شبهة التناقض بين متي ولوقا حول الميلاد..
 الشبهه من المشتكي:


وللرد، وهي شبهة يهودية كانت منتشرة أيام المسيحية الاولى، وهى تتلخص فى أن التعداد الذى يقصدة معلمنا لوقا فى شهادتة هو
التعداد الاقليمى الذى جرى بواسطة كِيرِينِيُوسُ فى 6 م، فور استلامة الولاية رسميا وبعد عزل أرخيلاوس ابن هيرودس الكبير، وكان الهدف منة زيادة الضرائب المفروضة علي الشعب اليهودي وتسبب فى قيام ثورة ضد الرومان تعرف بثورة يهوذا الجليلى والتى اسلفنا وذكرناها والمذكورة فى اعمال الرسل 5  : 37، ولكن المؤرخ اليهودى يوسيفاس ذكر ان هذة الثورة تم اخمادها مبكرا بمساعدة كبير الكهنة يوسر، فلم تقم من الأساس!

والهدف من هذة الشبهة هو اثبات وجود تناقد تأريخى بين شهادة متى وشهادة لوقا. وقد رد علي هذة الشبهة المعلم الامازيغى ترتليان (160 - 225م) فى كتابة " ضد اليهود ". واريد من هذة النقطة توضيح مصدر تسرب هذة الشبة لدوائر المعرفة العالمية ليومنا هذا، وهو مصدر يهودى قديم.

المصدر:

وتستند هذة الشبهة على هذا المقطع من النص فى بشارة لوقا : وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. ومن المعروف ان كِيرِينِيُوسُ تولى سوريا 6 م. دون الالتفات الى المقطع الاول من النص الذى يذكر صراحة ان الاكتتاب المقصود كان اكتتاب مسكونى بامر من أغسطس قيصر فقال: وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ.

وللرد على هذة الشبهة:

أولا، "رد لغوي" حيث أرى أن المشكلة هنا فى فهم النص لغويا ليس أكثر، وهذا يحل سوء الفهم الوارد بالشبهة على النحو الاتى:

النص بالأربع لغات :

الفولغاتا اللاتينية (المعلم جيروم)
 haec descriptio prima facta est praeside Syriae Cyrino

بالأنجليزية عن الفولغاتا
This enrolling was first made by Cyrinus, the governor of Syria

بالعربية: هذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ.

بالاصل اليوناني و الترجمة الحرفية عنة H&W Text
hautee apographee prwtee egeneto heegemoneuontos
THIS REGISTRATION FIRST OCCURRED BEING GOVERNOR
3778_1 0582 4413 1096 2230
tees surias kureeniou
OF THE SYRIA QUIRINIUS;
3588 4947 2958

ومما سبق يتضح أن "والى سوريا" تعد توصيف لكِيرِينِيُوسُ وليس توصيف لوقت وقوع التعداد. كما نقول أشترك السادات رئيس الجمهورية فى ثورة 1952م. فيأتى التوصيف للشخص بغض النظر عن توقيت الحدث محور الثياق.

وهذا يفسر لنا وجهة نظر المعلم جيروم (400 م) فى ترجمتة بالفولغاتا حيث ان الكتابة اليونانية القديمة فى زمن تدوين السفر لم تعرف علامات التنصيص. والمقصد من النص: هذا التعداد حدث اولا بواسطة والى سوريا كِيرِينِيُوسُ.
أي ان فعل التعداد مبني للمجهول passive form وتاتي تكملة الجملة لبيان الفاعل والذي صفته "
 والى سوريا" عائدا علي كِيرِينِيُوسُ.

ثانيا، "رد تاريخي" لأسباب ذكر معلمنا لوقا لكِيرِينِيُوسُ فى هذا النص

أ- قوة حاكم منطقة اسيا الصغرى وسوريا العسكرى كِيرِينِيُوسُ:  نعرف من التاريخ أن قيصر روما كان يعتمد فى نظام حكمة على نظام المراقبة الثنائى فكان يقوم بتعيين نائب عسكرى برتبة فارس بجانب الحاكم المدنى من الشيوخ "السنت" وكان كِيرِينِيُوسُ النائب العسكرى والحاكم الفعلى لسوريا والمنطقة منذ 12 ق.م وحتى تولية السلطة "رسميا" فى 6 م وحتى فى هذة الولاية لم يتركة القيصر بدون رقابة فعين لة كوبنيوس (برتبة فارس) رقيبا له على الولاية المستحدثة اليهودية.ووصف يوسيفاس للحاكم العسكرى وقتها بـ"Sabinus, Caesar's procurator" أي اللاتيومى اى انه كان يقصد كِيرِينِيُوسُ تحديدا حيث ينطبق علية الوصف:


وتاكيدا نرى هنا معنى للقب اللاتيومى "Sabinus" من هنا: 

ب- كل حكام اليهودية بدءاً من هيرودس وأنتهاءاً بأبنة أَرْخِيلاَوُسَ كانوا يُعرفون بأنهم "حكام وكلاء" أو عملاء للرومان علي المنطقة وبالتالي لم يكونوا أصحاب قرار حقيقين أنما كانوا منفذين لأوامر الرومان.

ج- ضعف الحاكم المُعين على سوريا وقتها بوبليوس كوينكتيليوس فاروس والذى قد استلم الحكم 6/7 ق.م ثم تركة بعد وقت قليل حتى انه من غير المعروف الحاكم الروماني لولاية سوريا في الفترة من 4 ق.م الى 1 ق.م! ويذكر انه قد قام السناتور سنتورنينوس بدور الحاكم المدنى فى غياب هذا الرجل وفراغ السلطة، وبالتأكيد كان
 كِيرِينِيُوسُ الحاكم العسكري والفعلي للمنطقة.
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_Roman_governors_of_Syria


ثم تُرك حكم سوريا لكِيرِينِيُوسُ عام 6م مع ضم مقاطعة اليهودية له بعد نفي الحاكم بالوكالة أَرْخِيلاَوُسَ بن هيرودس.
وانتقل 
بوبليوس كوينكتيليوس فاروس بعدها لحكم المقاطعة الجرمانية في 6 م  وهناك مُنى بأكبر هازيمة عسكرية وقتها وخسر ثلاث جيوش فى معركة غابة تيتوبيرغ الالمانية والتى انتهت بأنتحار الرجل فى أرض المعركة.

وبهذا يتلخص الرد فى قوة كِيرِينِيُوسُ "كحاكم عسكرى فعلى" للأراضى الواقعة تحت سيطرة النفوذ الرومانى من اسيا الصغرى مرورا بسوريا وحتى اليهودية والسامرة (بطريقة غير مباشرة) منذ 12 ق.م. ثم ضعف الحكام أَرْخِيلاَوُسَ (اليهودي) و فاروس (الروماني) ذو التاريخ السئ والغير مشرف والذى ادى فى النهاية الى قلاقل كثيرة سادت المنطقة حتى تولى كِيرِينِيُوسُ رسميا الحكم فى سنة 6 م.

ثم يأتى وصف معلمنا لوقا لهذا التعداد بالأول، كما فى النص: وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. يؤكد فرضيتنا أن لوقا البشير كان يقصد تعداد مسكونى نُظم واُمر بواسطة كِيرِينِيُوسُ قبل تعداد 6م الأقليمى.

========================

 ومن هذا البحث يتضح ان التاريخ الحقيقى لمولد المسيح كان 5  ق.م أي بين الفترة التي ترك فيها الحاكم الضعيف بوبليوس كوينكتيليوس فاروس وكان كِيرِينِيُوسُ فى هذا الوقت الحاكم الفعلي لولاية سورية وهو ما يتوافق مع التعداد المسكوني فى 8 ق.م بأمر أغسطس قيصر نفسة وكما جاء فى شهادة ومعلمنا لوقا.

0 comments: