بحث عن يهوه ج2 : شبهات حول التوراه

7/19/2015 06:45:00 ص 0 Comments

شبهات حول "يهوة" فى التوراه

ثُمَّ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: "أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ."




وعلى اساس هذا النص يعتبر الكثيرين اسم يهوه دخيل على الديانة اليهودية وان ابراهيم واسحاق ويعقوب لم يعرفوا يهوه قط، ولكن المتفحص للمعنى يجد ان كلمة " أُعْرَفْ" لها دلاله لغوية اعمق من مجرد المعرفة السطحية بل المقصود بيها المعرفة الاختبارية.

وهنا يجب أن نلقى الضوء على أحد المفاتيح الهامة فى فهم هذا النص بطريقة صحيحة يقدمها لنا جيرهارد فوس قائلاً:"إن موسى لا يمكن أن يكون قد أُرسِل إلى اخوته ليدعوهم  إلى اله آبائهم الذى نسوه، وها هو يقدم لهم اسماً جديداً لذلك الإله". وهذه الملاحظة منطقية جداً، فلا يمكن أن يطلب موسى اسم الله الذى سيخبر الشعب بأنه ارسله ثم يعطيه الله اسماً جديداً لا يعرفه الشعب اصلاً. ذلك لأن أى دلالة أو علامة فى ذلك يقدمها للشعب؟ لذلك فإننا لا نستطيع منطقياً أن نفترض عدم معرفة الشعب بهذا الاسم مسبقاً. واليكم دراسة علمية كاملة عن معنى الدلالى والسياقى لهذة الاية هنا:

وبناءً على هذا العدد الأخير تم بناء ما يُعرف بـ " الفرضية الوثائقية " بشكل كامل والمعروفة فى الأدبيات العربية بـ "نظرية المصادر". وهى فرضية تم تطويرها بشكل كبير على يد المستشرق الألمانى يوليوس فيلهاوزن فى القرن التاسع عشر. دعاها "فرضية" لأنه لا يوجد أى ادلة حسية، أى وثائقية، تدعمها أو تثبتها. والهدف من هذه الفرضية هو محاولة تفسير بعض الظواهر الأدبية الموجودة فى اسفار الشريعة، مثل الإستخدامات المختلفة للأسماء الإلهية (يهوه، الوهيم)، التكرارات و التناقضات. فأفترض فيلهاوزن أن اسفار الشريعة فى حقيقتها ليست من تأليف كاتب واحد، موسى أو غيره، بل قال أنها عبارة عن مجموعة من الوثائق التى تم تحريرها ودمجها معاً فى شكل كتاب واحد. وهذه التكرارات والتناقضات هى الأثر الذى تركه المحرر خلفه. غير أن الأساس التاريخى الذى بُنيت عليه النظرية هو الإعلان الإلهى الذى قدمه الله عن اسمه لموسى فى (خر 6 : 3). ففى هذا العدد نقرأ أن الله أعلن عن اسمه "يهوه" لموسى، والقراءة السريعة  لهذا العدد قد تجعلنا نصل إلى أن هذا الإسم لم يُعلن عنه قبل ذلك، رغم أنه كان  معروف بالفعل!

ففى الواقع، لم يكن موسى أول من يعرف الإسم "يهوه". نرى فى سفر التكوين امثلة عديدة ومتباينة عُرِف فيها الاسم يهوه. فبحسب النص العبرى القياسى للعهد القديم، جاء الإسم "يهوه" فى سفر التكوين 162 مرة، فى نحو 34 مرة جاء على فم شخصيات، وفى كثير من هذه المرات يقومون بتوجيه خطاباً مباشراً لله، منادين اياه "يهوه". ففى عصور الآباء الذين سبقوا موسى، نرى أنه بدايةً من عصر "آنوش" يقول الكتاب "حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ" אָז הוּחַ֔ל לִקְרֹ֖א בְּשֵׁ֥ם יְהוָה (تك 4 : 26). ورغم أن هذا النص لا يعنى بالضرورة أنهم بدأوا فى عبادة الله باسمه "يهوه" منذ ذلك العصر، ونلاحظ أن الكثيرين استخدموا اسم "يهوه"، مثل: حواء ولدت قايين وقالت:"اقْتَنَيْتُ رَجُلا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ"
 קָנִ֥יתִי אִ֖ישׁ אֶת־יְהוָֽה (تك 4 : 1).

لامك حينما ولد نوح قال عنه:"هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ"
 זֶ֞֠ה יְנַחֲמֵ֤נוּ מִֽמַּעֲשֵׂ֙נוּ֙ וּמֵעִצְּב֣וֹן יָדֵ֔ינוּ מִן־הָ֣אֲדָמָ֔ה אֲשֶׁ֥ר אֵֽרְרָ֖הּ יְהוָֽה (تك 5 : 29).

نوح وهو يبارك ابنه سام قال:" مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ"
 בָּר֥וּךְ יְהֹוָ֖ה אֱלֹ֣הֵי שֵׁ֑ם וִיהִ֥י כְנַ֖עַן עֶ֥בֶד לָֽמוֹ (تك 9 : 26).

ابراهيم وهو يرفض أن يأخذ عطايا ملك سدوم قال:"رَفَعْت يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ والأَرْضِ"
 הֲרִימֹ֙תִי יָדִ֤י אֶל־יְהוָה֙ אֵ֣ל עֶלְי֔וֹן קֹנֵ֖ה שָׁמַ֥יִם וָאָֽרֶץ (تك 14 : 22).

بل فى حادثتين فريدتين فى سفر التكوين، يخاطب الله افراد معرفاً نفسه بأنه "يهوه"، وهم:
ابراهيم حينما كان يخاطبه الله ليقطع معه العهد، كلمه الله قائلاً:" أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا" אֲנִ֣י יְהוָ֗ה אֲשֶׁ֤ר הוֹצֵאתִ֙יךָ֙ מֵא֣וּר כַּשְׂדִּ֔ים לָ֧תֶת לְךָ֛ אֶת־הָאָ֥רֶץ הַזֹּ֖את לְרִשְׁתָּֽהּ (تك 15 : 7). ففى هذا العدد قام الله بتعريف نفسه باسم "يهوه" فى خطاب مباشر منه لإبراهيم.

يعقوب وهو فى طريقه إلى حاران هارباً من وجه اخيه عيسو، فى المكان الذى كلمه الله فى حلم ودعاه بيت ايل، يقول الله مخاطباً يعقوب:" أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ"
רָהָ֣ם אָבִ֔יךָ וֵאלֹהֵ֖י יִצְחָ֑ק הָאָ֗רֶץ אֲשֶׁ֤ר אַתָּה֙ שֹׁכֵ֣ב עָלֶ֔יהָ לְךָ֥ אֶתְּנֶ֖נָּה וּלְזַרְעֶֽךָ (تك 28 : 13).

لتفسير الذى يقول بأن اسم "يهوه" فعلاً لم يكن معروفاً لدى الآباء سابقاً يتجاهل الكثير من الأدلة والحقائق المتوفرة. فهو يتجاهل معنى الفعل "عرف" فى العبرية، كما أنه يفترض بصورة تخمينية أن موسى قام بتحرير اسماء الله فى التكوين، دون أن يقدم أدلة على ذلك، ولا أن يشرح أو يفسر السبب الذى لأجله سيغير موسى اسم الله للأسم "يهوه". لذلك يُعتقد أن الرأى الأكثر صحة وصواباً هو الذى جادل له منذ البداية، وهو أن الله قد أعلن عن اسمه "يهوه" كثيراً للآباء، ولكنه الآن يقول للشعب أنهم سوف يختبروا هذا الجانب من شخصية الله الذى يعبر عنه الاسم "يهوه"، وهو انه سيتمم عهده مع آبائهم الآن. كما قال جون كولينز:"إن هذا المقطع يذهب اكثر ليربط بين اعلان الاسم والوعد بالتحرير من العبودية فى مصر ... فالإسرائيليين لن يعودوا يخدموا المصريين فيما بعد بل بدلاً من ذلك سيخدموا يهوه". والسبب وراء هذه القناعة هو أن هذا التفسير يفسر كافة الأدلة والبيانات والحقائق المتوفرة فى هذه الحالة، كما أنه منطقى جداً، ويتوافق مع الشكل العام للإستخدام الكتابى للمعرفة.

إلوهيم : كلمة عبرية لوصف الإله أو الآلهة، وهي متعلقة بكلمة إل (إله) السامية مع أنها تعتبر مشتقة من كلمة الوَه مع صيغة الجمع. للكلمة أحيانا ضمير مفرد في العبرية لذا تعتبر اسما مفردا كما في سفر التكوين وتفهم إلوهيم عادة على أنها تشير لإله إسرائيل الواحد. واذا اضيفت لضمير جمع تتصرف الكلمة كجمع كما هو فى حالات محدودة فى العهد القديم للأشارة لآلهة متعددة.

إل والبعل!.. القصة من التوراة

وَلَمَّا رَأَى أَخْآبُ إِيلِيَّا قَالَ لَهُ أَخْآبُ: «أَأَنْتَ هُوَ مُكَدِّرُ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ: «لَمْ أُكَدِّرْ إِسْرَائِيلَ، بَلْ أَنْتَ وَبَيْتُ أَبِيكَ بِتَرْكِكُمْ وَصَايَا الرَّبِّ وَبِسَيْرِكَ وَرَاءَ الْبَعْلِيمِ. فَالآنَ أَرْسِلْ وَاجْمَعْ إِلَيَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ، وَأَنْبِيَاءَ الْبَعْلِ أَرْبَعَ الْمِئَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَأَنْبِيَاءَ السَّوَارِي أَرْبَعَ الْمِئَةِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ عَلَى مَائِدَةِ إِيزَابَلَ». فَأَرْسَلَ أَخْآبُ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَجَمَعَ الأَنْبِيَاءَ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ. فَتَقَدَّمَ إِيلِيَّا إِلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ وَقَالَ: «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ». فَلَمْ يُجِبْهُ الشَّعْبُ بِكَلِمَةٍ. ثُمَّ قَالَ إِيلِيَّا لِلشَّعْبِ: «أَنَا بَقِيتُ نَبِيًّا لِلرَّبِّ وَحْدِي، وَأَنْبِيَاءُ الْبَعْلِ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ رَجُلاً. فَلْيُعْطُونَا ثَوْرَيْنِ، فَيَخْتَارُوا لأَنْفُسِهِمْ ثَوْرًا وَاحِدًا وَيُقَطِّعُوهُ وَيَضَعُوهُ عَلَى الْحَطَبِ، وَلكِنْ لاَ يَضَعُوا نَارًا. وَأَنَا أُقَرِّبُ الثَّوْرَ الآخَرَ وَأَجْعَلُهُ عَلَى الْحَطَبِ، وَلكِنْ لاَ أَضَعُ نَارًا. ثُمَّ   تَدْعُونَ بِاسْمِ آلِهَتِكُمْ وَأَنَا أَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ. وَالإِلهُ الَّذِي يُجِيبُ بِنَارٍ فَهُوَ اللهُ». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالُوا: «الْكَلاَمُ حَسَنٌ»
..
وَقَالَ إِيلِيَّا لأَخْآبَ: «اصْعَدْ كُلْ وَاشْرَبْ، لأَنَّهُ حِسُّ دَوِيِّ مَطَرٍ». فَصَعِدَ أَخْآبُ لِيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ، وَأَمَّا إِيلِيَّا فَصَعِدَ إِلَى رَأْسِ الْكَرْمَلِ وَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ وَجْهَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ. وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: «اصْعَدْ تَطَلَّعْ نَحْوَ الْبَحْرِ». فَصَعِدَ وَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ». فَقَالَ: «ارْجعْ» سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَفِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ قَالَ: «هُوَذَا غَيْمَةٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ كَفِّ إِنْسَانٍ صَاعِدَةٌ مِنَ الْبَحْرِ». فَقَالَ: «اصْعَدْ قُلْ لأَخْآبَ: اشْدُدْ وَانْزِلْ لِئَلاَّ يَمْنَعَكَ الْمَطَرُ».

كان هذا المشهد بين النبى ايليا وانبياء البعل جزء من الصراع الدائر بين اله اليهود واله الكنعانين على مدار العهد القديم منذ ان صنع اليهود العجل بعل تحت جبل سيناء ايام النبى موسى.

وكان الاله بعل اله الارض والخصوبة قديما وكان يلجئ له اليهود فى ايام الرخاء لاقتناعهم ان يهوه هو اله الحرب والجنود وليس له مكان فى ايام الرخاء والخصوبة وهو ما يفسر نزول المطر فى نهاية قصة إِيلِيَّا وكهنة البعل كاشارة معجزية للملك اخاب فيما معناه ان انا يهوه اله الحرب والجند والسماء والخير وليس غيرى.

ومن العجيب هنا تعصب الملكة ايزابل لآلهتها واجبار زوجها الملك اليهودى اخاب وشعبة على عبادتهم، فبالنسبة للوثنين كان كل المطلوب هو مكان اضافى للاله الجديد فى مُجمَع الهتهم، فهم بالاساس غير موحدين، وكان من الممكن ان تقبل ايزابل بعبادة يهوه بجانب البعل بدون تعصب ولا مشاكل لاخاب كزوجات سليمان الكنعانيات، وهذا مالم يحدث. فمن الوضح انه كان اعلان سيطرة ونفوذ على الشعب اليهودى من قبل ايزابل الكنعانية باجبار الكل على عبادة بعل اله كنعان.

0 comments: